أكتب وأتكلم وأحاور, فلا يسمح التاريخ الذي أحمله فوق ظهري قرابة54 عاما في مهنة الكتابة أن أتلون فجأة في يوم وليلة!
لا يصح أن أرتدي قناع الثورية لأبدو متعاطفا مع ميدان التحرير, مؤيدا كل مطالب الثوار المعتصمين, ولا أستطيع أن أهتف مات الملك, عاش الملك في يوم وليلة! لقد عشت يوما عندما اندلعت ثورة يوليو وظهر أناس يسمي الواحد منهم نفسه مندوب الثورة ليخيف الآخرين من العهد البائد, وكان الناس يبجلون السيد مندوب الثورة لا احتراما له ولكن خشية منه, ورأيت وكنت صحفيا في فجر المشوار خوف موظفين كبار من البلاغات الكيدية التي تزاحمت علي مجلس الثورة وقتئذ, ولن أنسي الزغاريد في شارع رائف بالترعة البولاقية بشبرا ولا أكواب الشربات التي كانت توزع لأن موظفا كبيرا نجا من كيد أعدائه, وكان مستقيما في النية والقصد, يومها أحببت ثوار يوليو لأنهم راعوا الله, وبالطبع حدث هذا في فترة نقاء الثورة قبل أن يصبح ثوار يوليو, ثلاثة عشر ملكا! بوجه واحد لا بسبعة وجوه, أكتب وأتكلم وأحاور, ولأن تاريخي المهني كلمات فوق الورق وكلمات علي الشاشات, وهذا مسجل ومحفوظ عبر شاشة النت ولايمكن تزييفه أو تزويره وكل ما كتبت يندرج تحت بند التيار الاصلاحي وتصويب المسار ويتفق مع نداء الثوار الشبان في ميدان التحرير ويختلف في أمور كثيرة أهمها البقاء علي الشرعية الدستورية والأسلوب الحاكم فقهيا لها, ومنها رفض التطاول علي رمز النظام صمام الأمان الآن من فوضي تنهش جسد مصر, فالتطاول ليس منهجا أخلاقيا, وسوف يقول التاريخ كلمته يوما ما, اننا كنا قساة وجلادين لنظام( أعطي) ما استطاع, وكان فيه ثقوب عندما اقتحمته أسماء حولته من وطن الي عزبة في يوم وليلة! اختلف مع ثوار التحرير في التحجر في الرأي والجمود في الحوار ورفض أي مقترحات أو حلول بعد تحقيق أغلب الاحتجاجات. في جيلي بالمناسبة كان الحس الشعبي يقول العين ماتعلاش علي الحاجب ومازلت أتذكر أدباء مصر ومفكريها العظام يجلسون بأدب بالغ واحترام كبير في حضرة عميد الأدب د. طه حسين عندما ضمتهم معه حلقة يذيعها تليفزيون مصر من حين الي آخر, الآن في زمن النت والفيس بوك العين تعلو فوق الحاجب بطول برج القاهرة! ولايمكن الوقوف في وجه العلم أو التطور, فالتكنولوجيا فاتت بعجلاتها فوق كثير من القيم ظهرت جليا في ميدان التحرير, ربما كانت هذه نظرة أخلاقية لهبة شبابية لا أعرف لها قائدا وإن تناثرت علي الشاشات أسماء تتكلم باسمها, ولا أعرف لها منهجا فكريا أو ايديولوجية وان كنت أعتقد أنها أنقي من التيارات التي ركبت أمواج الثورة وتجيد السباحة بالشعارات والصكوك المطاطية المناسبة لكل مناسبة, ثقافتهم, ثقافة ثورية بوجه واحد لا بسبعة وجوه, أقول إننا ألقينا بملف الشباب من فوق سطح المجمع في التحرير, فكان أن التقوا في التحرير, ولقنوننا درسا بليغا هو حذار من الطناش, وأنهم شوية عيال يتلموا في ساعتين, لقد ظللت منذ عشر سنوات وربما أكثر عندما كنت أرأس مطبوعة صباح الخير أنادي ب الاصغاء للأنين الصادر من شاب عاطل أو مهمش مقهور أو صاحبة معاش تافه أو مثقفة تواجه مصاعب بسبب رأي صائب أو موظف مفصول لأنه كشف فسادا. كنت مرة أضيف لكلمة الاصغاء بالجاد أي الذي يترجم في سلوك ومرة أخري أضيف كلمة الحنون للاصغاء, أي الذي تتوافر فيه مشاعر الابوة والحنان, ففي كثير من الأحيان كانت أذن الدولة مغلقة للتحسينات! بوجه واحد لا سبعة وجوه أتكلم وأكتب, فقد عشت عمري مخلصا للمهنية والحرفية منتميا لتراب وطن أحبه بالتاريخ والجغرافيا, لم أنتم لحزب ما في أي يوم ولم أسقط في براثن تيار مشبوه له شعارات براقة بل بلغ الأمر عندي رفض الظهور علي شاشات القنوات المسيحية إيمانا مني بأني( مصري) قبل أن أكون مسيحيا, عشت مخلصا لمهنة الكتابة أرفع المهن شأنا وقدرا حين تكون نبيلة القصد والهدف, لم أكن أعمل في السر وأتلون كما أري الآن المتلونين( ماليين الشوادر يابا), كنت حين أغضب, أعلن غضبي بلا تردد وكنت حين أفرح لانجاز ما مثل الالتفات الجاد لناس اسنا في الصعيد أعلن عن فرحي دون تردد, فليس من المعقول ولا من المنطقي أن تكون الدولة باطلة قبل52 يناير ثم جاءت الصحوة بين يوم وليلة, كانت هناك دولة بها ثقوب ظلت مع الأيام تكبر وتتسع تسربت منها الآلاف المعتصمة من شباب البلد الي ميدان التحرير, كانت هناك عناصر فاسدة ومفسدة, يتهامس المجتمع المصري بجميع طبقاته باسمائها ولكن الهمسات كانت تضيع في الزحام, وحتي عند عرض الشكاوي علي صاحب القرار في أي موقع كان, لم يكن العرض أمينا ولا شفافا, وكنت انبه في أكثر من مقال لخطورة أمانة العرض علي متخذ القرار ولما استفحلت الحالة جاءت الجموع من أصحاب المظالم والموجوعين والجائعين الي ميدان التحرير رمز التحرير من الأسي والخوف, وليس لهؤلاء أية مطالب تتعلق بتعديلات دستورية أو حل مجلس الشعب أو الشوري, إن مطلب هؤلاء هو( الانصاف) ليس إلا! إن ملفات عدد من الوزراء بين يدي النائب العام د. عبدالمجيد محمود, ومن العبث أن نكيل( الاتهامات) و(البلاغات الكيدية) قبل الفحص والتمحيص للنيابة العامة ونعيد سيناريو الجلوس مكان القضاة ورجال النيابة ونصدر أحكامنا قبل كلمة القضاء والنيابة. بوجه واحد لا بسبعة وجوه أكتب وأتكلم وأحاور, إن بعض الأسماء المتداولة, لعبت علي الحبال بمهارة لاعبي السيرك, لكن شباب(52 يناير) لن ينطلي عليهم هذا التسلل الي( الميدان) الذي تحرروا فيه من الزواحف والثعابين وكانت نائمة في الجحور و..خرجت. عاجل: الي المعتصمين في ميدان التحرير, مصر المحروسة الموجوعة تبكي بنشيج مكتوم, فجففوا دموعها, وكفي( وقف الحال), أنتم شرارة إضاءة لوطن تحملون له البشارة, فضعوا حظر تجول لحماسكم المتأجج, ليصب في قناة واحدة هي مصر قبل أن تدخل الي( العناية المركزة).