كما الأيام الأولى من «ثورة 25 يناير»، استعاد ميدان التحرير في مصر معارض الصور التي تؤرّخ للثورة وأحداثها، ففي الحديقة المركزية التي تتوسط الميدان نصب المعتصمون خيمة على بوابتها مجسم خشبي على هيئة شجرة اسمها «شجرة حصاد ثورة الميدان»، رصدوا عبرهما بالصور واللافتات مسار الثورة التي اقتربت ذكراها الأولى، فيما العلاقة بين الحكم العسكري والقوى الثورية تزداد سوءاً. معرض الحصاد وشجرته يوثق أحداث العنف والاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن عند مسرح البالون وماسبيرو وشارع محمد محمود وأخيراً أحداث مجلس الوزراء. «الطرف الثالث» الذي حمله العسكر المسؤولية عن كل هذه الأحداث سماه المعرض «اللهو الخفي» وألبسه بزة عسكرية، في إشارة إلى أن المجلس العسكري نفسه يقف خلف هذه الأحداث. القائمون على المعرض ركزوا على مشاهد سحل الفتيات والنساء واستخدام العنف ضدهن. وكتبوا فوق هذه الصور: «هؤلاء رجال المشير... بنات مصر خط أحمر». وهي الصور التي فجرت غضباً شعبياً عارماً في الأيام الماضية وأثارت انتقادات دولية. المجلس العسكري الحاكم وقادته نالوا القدر الأكبر من الهجوم في المعرض، كما كانت الحال بالنسبة إلى الحزب الوطني الحاكم المنحل ورجاله في بداية الثورة. دماء الشهداء كما هي «وقود الغضب»، فالشجرة والخيمة امتلأتا بعشرات الصور لضحايا الأحداث التي تلت الثورة، فالشيخ الأزهري عماد عفت الذي قُتل في أحداث مجلس الوزراء تنتشر صوره حياً وميتاً تعلوها عبارة: «بأي ذنب قتل؟». وكان للإعلام الرسمي حضور لافت في معرض الحصاد في الميدان، إذ اعتبره المنظمون «مضللاً»، مناشدين الشعب عدم الإصغاء إليه لأن هدفه «تشويه الثوار». هم علقوا لافتات كبيرة قالوا فيها إنهم منحوا الإعلام الحكومي فرصة ليتبرأ من ممارساته أيام النظام السابق، لكنه عاد إلى الممارسات ذاتها، في رأي المعتصمين. جماعة «الإخوان المسلمين» والسلفيون الذين حصدوا غالبية مقاعد المرحلتين الأولى والثانية في انتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى من البرلمان)، حضروا أيضاً في معرض المعتصمين، لكن هذه المرة كحكام وليس كمستضعفين، كما كانت الحال في بداية الثورة. ورفع المعتصمون لافتة كتب عليها: «حكم الإخوان والسلفيين... لا تحجروا على اختيارات الثوار»، وفي خلفيتها شيخ يصافح جنرالاً، في إشارة إلى حديث يتردد كل فترة عن صفقة بين المجلس العسكري وجماعة «الإخوان». وفي مخرج المعرض، كتب الشباب على لوحة كبيرة: «نلتقي هنا في 25 يناير 2012 لاستكمال الثورة». وأشاروا بسهم إلى بوابة الخيمة في اتجاه ميدان التحرير، ليضيفوا إلى الدعوات إلى موجة جديدة من الثورة في الذكرى الأولى ل «ثورة لم تكتمل».