تردد الرئيس علي عبدالله صالح بين قبول ورفض التوقيع على المبادرة الخليجة بحجج مختلفة كان آخرها التوقيع كزعيم حزبي وليس كرئيس للبلاد، ساهم الى حد بعيد في تشويه دور دول مجلس التعاون في الشارع اليمني، كما ساهم في زيادة الخلاف حولها في صفوف المعارضة اليمنية. دول الخليج سعت منذ اللحظة الأولى لتجاوز قضية «البروتوكول»، وهي كانت تعتقد ان كل الطرق والأساليب ستفضي في النهاية الى تنحي الرئيس صالح في شكل سلمي ونقل السلطة بطريقة تجنب اليمن عنفاً محتملا. لكن الرئيس اليمني استغل حماسة دول الخليج للوصول الى النهاية، وجعل من التفاصيل «البروتوكولية» عقداً تكبر مع الأيام. واتضح مع الوقت ان صالح يستغل التفاصيل، ولا ينوي التنحي بسرعة، وهو نجح حتى الآن في جعل دول الخليج تبدو كأنها تسير وفق مطالب الحزب الحاكم، فضلاً عن ان الرئيس صالح لم يلتزم بخطاب المفاوض، وكان على الدوام يصف حشود المعارضين بقوى الإرهاب والخارجين عن القانون، وهذا ساهم في توتير الشارع.
بعض المعارضة اليمنية رفض المبادرة الخليجية لأنها، في رأيه، تتعارض في بعض موادها مع دستور اليمن ومؤسسات الرئاسة الدستورية، فالعفو عن الرئيس وأركان حكمه أمر لا يتفق والدستور اليمني، فضلاً عن ان الإملاء الخارجي على مؤسسة الرئاسة اليمنية المنتخبة لا يجوز. والخلاصة، في نظر المعارضة، أن المبادرة الخليجية جرى صوغها بطريقة سياسية، وتفتقر الى الحس القانوني، وهذا سيجعلها خطوة هشة يمكن تجاوزها مستقبلاً، وإن تم التوقيع عليها بضمانات دولية.
لا شك في أن الوقت يسير حتى الآن في غير مصلحة المبادرة الخليجية، فالمعارضة التي تمسكت بالتحرك السلمي بدأت تهدد باستخدام وسائل أخرى لإجبار صالح على التنحي، ولوحت غير مرة بالدعوة الى اضراب عام وشلّ حركة البلد، وهذه الخطوة ستزيد من الأزمة الاقتصادية، وربما ساعدت على خروج جماعات مسلحة لاستثمار الفراغ الناتج عن هذه الخطوة.
الأكيد أن صالح في موقع ضعيف، مهما حاول الإعلام اليمني تصويره بعكس ذلك، لهذا فإن الحل ان تغير دول الخليج من استراتيجية تحركها، وتسعى الى إشراك المعارضة باعتبارها في موقف متفوق على صالح، وأضعف الإيمان أن تتعامل دول المجلس مع المعارضة باعتبارها طرفاً مساوياً لقوة صالح. المصدر: صحيفة الحياة