تنهي اليوم المجموعة الخليجية صراعاً سياسياً في اليمن دام ثلاثة أشهر. طالب فيه المحتجون بإسقاط الرئيس علي عبدالله صالح ، وشكلت الاحتجاجات الشعبية ضغوطاً على رأس النظام اليمني الذي يترأسه الرئيس صالح منذ أكثر من ثلاثين عاماً ، وسقط خلال الثلاثة أشهر -و هي مدة الاحتجاجات - أكثر من 400 يمني وآلاف الجرحى من المحتجين حسب مصادر حقوقية .وطوال ثلاث جوالات حاول وزراء خارجية دول مجلس التعاون صياغة « مبادرة خليجية « لنزع فتيل الأزمة اليمنية إلا أن تعصب الأطراف السياسية هناك معارضة وحكومة جعل مهمة « الخليجي « صعبة ، حيث كان اجتماع الثالث من ابريل بمثابة الخطوة الأولى نحو الأشقاء في اليمن ، حيث اتفق الوزاري الخليجي على إجراء اتصالات مع الحكومة والمعارضة اليمنية لعرض أفكار لتجاوز الوضع الراهن . بعد هذا الاجتماع رفض وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد تسمية الخطوة الخليجية بالمبادرة ، فكانت جساً للنبض. بدأت الخطوة عن طريق سفراء السعودية وقطر وعمان والبحرين والامارات والكويت في اليمن الذين تداولوا مع فرقاء اليمن أفكاراً لتهدئة الشارع ، الذي لم ير في هذه الأفكار ما يلبي طموحه ويحقق هدفه وغرضه وهو إسقاط النظام. وفي ضوء هذه النتائج يبدو أن وزراء خارجية دول المجلس كانوا يعدون العدة لتقديم مبادرة ذات أطر واضحة لبدء المباحثات حولها مع فريقي النزاع في اليمن ونصت المبادرة الخليجية التي أطلقها الوزراء في اجتماع عقد في مطار القاعدة الجوية بالرياض ودعتهم للاجتماع في الرياض إلى مبادئ عدة وخطوات تنفيذية محددة . حيث نصت المبادئ: * على أن يؤدي الحل الذي سيفضي عن هذا الاتفاق إلى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره .• أن يلبي الاتفاق طموحات الشعب اليمني في التغيير والإصلاح. • أن يتم انتقال السلطة بطريقة سلسة وآمنة تجنب اليمن الانزلاق للفوضى والعنف ضمن توافق وطني . • أن تلتزم كافة الأطراف بإزالة عناصر التوتر سياسياً وامنياً . • أن تلتزم كافة الأطراف بوقف كل أشكال الانتقام والمتابعة والملاحقة من خلال ضمانات وتعهدات تعطى لهذا الغرض. أما الخطوات التنفيذية التي يجب ان تختذ بعد تحقيق المبادئ فهي: • إعلان رئيس الجمهورية نقل صلاحياته إلى نائب رئيس الجمهورية. • تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة ولها الحق في تشكيل اللجان والمجالس المختصة، لتسيير الأمور سياسياً وأمنياً واقتصادياً ووضع دستور وإجراء الانتخابات. شكلت هذه المبادرة إغراءً للرئيس صالح وللمعارضة اليمنية حيث رحب بها الأول و أخذ الطرف الثاني بمناقشتها بجدية ، حيث احتوت على مطلب رئيسي لها وهو تنحي الرئيس صالح . إلا أن المعارضة رأت في تلك المبادرة ضمانات للرئيس صالح بعدم ملاحقته قضائياً، بل وأمهلت الرئيس صالح أسبوعين للتنحي.. الأمر الذي كاد أن ينسف هذه المبادرة إلا أن « الخليجي « تدارك بدعوة وجهها إلى المعارضة للاجتماع في الرياض ، وهو ما قد حصل فعلاً حيث كانت الفرصة مواتية لمناقشة وتعديل البنود ، بعدها انتقل وزراء «التعاون» إلى الحكومة اليمنية لبحث تفاصيل ما جرى في الرياض. بعد بضعة أيام . توصل الخليجيون إلى صيغة معدلة للمبادرة تنص على تنحي الرئيس علي صالح لنائبه في غضون شهر مع حصوله على ضمانات بعدم ملاحقته قضائيا وتشكيل حكومة وحدة على قاعدة 50+40+10 والدعوة إلى انتخابات رئاسية ونيابية خلال 60 يوماً مبكرة وفق النظام البرلماني يعقبها انتخاب البرلمان رئيساً جديداً يتسلم السلطة من صالح. واليوم في الرياض ينتظر ان يقوم عبدالكريم الإرياني المستشار السياسي للرئيس علي عبدالله صالح بالتوقيع على الاتفاقية في ظل مطالب للمعارضة بضرورة ان يوقعها الرئيس اليمني بنفسه، بينما يمثل المعارضة محمد سالم باسندوة. ويظل السؤال المطروح الذي يحاكي نفس عرابي الاتفاقية اليمنية والذين قضوا 27 يوماً من العمل الدبلوماسي السياسي. هل لدى الاطراف اليمنية القدرة على الحفاظ على روح «اتفاق الرياض» ، الذي يبدو انه يواجه ما تواجه الاتفاقيات السياسية من تأييد ومعارضة ، وهل سيهدأ الشارع ويلجأ إلى الصناديق لينتخب رئيس اليمن السعيد!.