عبدالمحسن محمد الحارثي للشبابِ وجهٌ جميل ، وللشيخُوخة روحٌ جميلة ، وتكمن الشيخُوخة في الروح أكثر ممَّا تكمن في الجسد. قال تعالى: ( اللهُ الذي خلقكم من ضعف ثُمَّ جعل من بعد ضعفٍ قُوَّة ثُمَّ جعل من بعد قوةٍ ضعفاً وشيبة يخلقُ ما يشاء وهو العليم القدير). إذا كان فخرُ الشباب في قُوَّتهم ، فإنَّ بهاء الشيوخ في المشيب، فما يراه الشيخ وهو جالس ، لا يراه الشاب وهو واقف ، فالشباب نشوة بلا خمرة ، والشيخوخة نخوة بلا خمرة ! وكما قيل: إذا نمت على الورد في شبابك ، فسوف تنام على الشوك في شيخوختك. قال الشاعر مروان بن أبي حفصة: والشيبُ إذا طرد السواد بياضهُ❄كالصبح أحدث للظلام أُفولا ويقول بركلس:( أُمَّة بِلا شبيبة ، سنةٌ بِلا ربيع). قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-:( من شاب شيبةً في سبيل الله كانت لهُ نوراً يوم القيامة). ذهب فراندوا إلى الاعتقاد ، بأنَّهُ:( كُلَّما دنا الجسد من سقوطه ارتفعت الروح إلى ذروتها). ويوكِّد تولستوي قائلاً :( ندينُ لكبار السن بالرقي الأخلاقي في عالمنا)، فأعتقُ الأشجار تُعطِي أحلى الثِّمار ، كذلك رجلُ الثمانين يزداد حلماً وأدباً وخلقاً… يقول الشاعر: إنَّ المشيب رداء الحِلم والأدب ❄كما الشباب رداء اللهوِ واللّعِب. وهذا طه حسين يقول: (بُورِكَ من جمع بين هِمَّة الشباب وحكمةالشيوخ). ونتساءل : لماذا لا تكون الحياة أبديّة ؟! ويُجيبُ القرآن الكريم ، قال تعالى:( واللهُ خلقكُم ثُمَّ يتوفَّاكُم ، ومنكُم من يُرد إلى أرذل العُمر ؛ لكي لا يعلمُ بعد عِلمٍ شيئا، إنَّ اللهَ عليمٌ قدير). قال الشاعر: قالُوا أنينك طول الليل يقلقنا ❄فما الذي تشتكي؟ قلتُ: الثمانينا !! وهذا أرسطو لهُ رأي، إذْ يقول:( التعليمُ أفضل مؤُونة للشيخُوخة . بينما الكاتب عبدالله المغلوث ، يقول:( الشيخوخة ليست في الأعمار ، بل في العُقُول). ولكن .. ما نراه ويراه المُبصرون ، أنَّ الشيخوخة حلقة أخيرة في الحياة ، فهي ضعفٌ في الجسدِ والعقل! كم هو مُفجِع أنْ تصير الشيخوخة طموحاً !! قال الشاعر : فسرتُ الآن منحنياً كأنِّي❄أُفتِّشُ في التُرابِ عن شبابي! وقال آخر : أبعدَ سبعين قد ولَّت وسابعة❄أبغي الذي كنت أبغيه ابن عشرينا!! وآخر يقول: أصبحتُ شيخاً أرى الشخصين أربعةً ❄والشخصُ شخصين لمَّا مسَّني الكِبَرُ!! الشيخوخة بآلامها خيرٌ من شباب بلا أملِ!