قرأت مقال رائع وهادف وممتع لسعادة الدكتور أحمد معتوق خان ، مدير مستشفى الملك فيصل بمكة المكرمة ، وأتشرف أن يكون سعادته مدير المستشفى التي أعمل بها ، كونه جمع بين العلم والأخلاق والإدارة ، صفات قلما تجدها مجتمعة في مدير واحد ، يحترم الصغير قبل الكبير وعامل النظافة قبل الإستشاري والمدير ، بارك الله له في علمه وفي عمره وفي حياته وجزى الله والديه خيراً على حسن تربيته ، والله يعلم أني لم أكتب مقالي هذا نفاقاً أو تزلفاً للمدير ، لكنها الحقيقة الصادقة التي أثارت مشاعري نحوه فخط قلمي بما كتب ، أحسبه كذلك ولا أُزكي على الله أحدا . حقيقة قبل أن أقرأ مقال الدكتور أحمد ، الذي اجتزأتُ منه هذه العبارة ” فضّل العلم على الأخلاق ” ومعناه جعل العلم أفضل من الأخلاق ، ومناسبته أن أحد المدربين الذين أشرفوا على تدريبه بفرنسا بجراحة العظام كان سيء الخلق مع الجميع ، أقول كنت أفكر قبل قراءة مقاله الجميل كصاحبه ، أن أكتب مقال في هذا الموضوع . لاحظت خلال حياتي منذ سنوات طويلة أن كل شخص كان يمدح في مهارة وجودة طبيب ما وينصح بمراجعته والعلاج لديه ، وكنت فعلاً أقوم بمراجعته وأجد أول ما أجد من الطبيب الأخلاق الحسنة التي تتمثل في الاحترام والتقدير وحسن الاستقبال والبشاشة ورحابة الصدر والاهتمام بالمريض ، والنظر في وجهه أثناء الحديث والإنصات له جيداً ، إن جميع ما ذكرته من أخلاق يعتبر من المهارات التي يتعلمها كل مختص في العلوم الإنسانية كالممرض والطبيب والأخصائي النفسي والاجتماعي خلال فترة دراستهم الأكاديمية وذلك بهدف تكوين علاقة مهنية ناجحة مع العميل . الدكتور عبدالعزيز كردي ، رحمه الله ، الدكتور عبدالحفيظ خوجه ، الأستاذ الدكتور ياسر صالح جمال ، الدكتور إسماعيل بنتن ، وغيرهم كثير وأعتذر لمن لم أتذكر اسمه ، كان هؤلاء الأطباء الذين صادفتهم في حياتي ، يتصفون بالأخلاق الحسنة في التعامل الراقي مع المريض ، كان ذلك سر نجاحهم مهنياً وشهرتهم بين الناس بأنهم أفضل الأطباء ، فهم بذلك استطاعوا خلق بيئة علاجية مريحة بينهم وبين مرضاهم مما جعلهم يتقبلون الأطباء ويتقبلون علاجهم ، رغم أن بعض الأطباء غير من ذكرتهم أعلاه قد لا يكونون متمكنين علمياً كما يقال بالبلدي ” الأخلاق غطت على العلم ” أو أنهم يكملون النقص والعيوب الموجودة بهم فيما يخص العلم بالأخلاق الحميدة ، فينطلي ذلك على المرضى المراجعين لهم ، أو لاقيني ولا تغديني ، كما جاء في المثل . في تصوري ووفقاً لما جاء به العلم أن الطبيب الذي يخلق بيئة علاجية مريحة سلسة بدون تكلف أو رسميات وسوء معاملة وبكل أريحية بينه وبين مريضة ، بمعنى يريح ويستريح ، سيكون أداءه المهني أفضل من الطبيب الذي تكون العلاقة بينه وبين مريضه علاقة متوترة وخالية من القبول والتقبل بين الطرفين فكيف يثق المريض بعلاج الطبيب إذا لم يتقبله . لقد أثنى القرآن العظيم على النبي الكريم محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، فقال ربنا جل وعلا: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159]، فوصفه الله بخلق الرحمة ولين الجانب ، ونفى عنه ما يقابلهما من سوء الأخلاق ؛ من الجفاء والغلظة والشدة التي تجعل النفوس تنفر عنه . شعر عن الأخلاق لأحمد شوقي : و إنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا …..و إذا أصيب القوم في أخلاقهم *** فأقم عليهم مأتما و عويلا صلاح أمرك للأخلاق مرجعه *** فقوّم النفس بالأخلاق تستقم *أخصائي أول اجتماعي