شعار جديد بدأت وزارة الصحة في تعميق مفهومه لدى منسوبيها عن طريق نشر الشعار وتطبيق محتواه الذي يهدف إلى تحسن التعامل مع مراجعي ومراجعات المرافق الصحية، والأهم - في نظري - من تحسين التعامل مع المرضى وأسرهم هو تعزيز وتأكيد ومعرفة أن الموظفين والموظفات المعنيين بالخدمة في وزارة الصحة لا يتفضلون على المرضى بوقتهم، وإنما هم موجودون في هذه الأماكن لتقديم الخدمة بحسب المعايير المقررة نظاماً، هذا المفهوم مهم جداً بعد أن افتقدناه كثيراً في ثقافتنا لفترة طويلة، حتى ان الموظف كان يدخل مكان عمله نافشاً ريشه، يأمر وينهي في خلق الله من دون رادع يردعه، والناس تعودوا أن يصمتوا حتى لا يحرموا من حصولهم على الخدمات المطلوبة، تبعاً لأهواء الموظف ووقتما يأمر بها لهم سعادته! المهم أن يصل المفهوم لمانح الخدمة، ولمتلقيها أيضاً، فلا نجد مريضاً أو أسرة مريضة تدخل أفرادها إلى المركز العلاجي متباهين كالطواويس، معتقدين أنهم اشتروا المركز بمن فيه، أو يعتقدون أن كل مهمتهم مرافقة المريض والتدخل في طريقة العلاج، وكأن أفراد الأسرة متخصصون في الطب! المطلوب أن يكون للطبيب الحرية في تقديم الخدمة المناسبة للمريض، وعليه أيضاً أن يشرح ما يقوم به بصورة مبسطة وبلغة سهلة يطمئن بها أهل المريض على حال مريضهم، عليه أن يشرح التأثيرات الجانبية المتوقعة للعلاج، فهذا من حق المريض أن يعرف، وأن يختار الخيارات الطبية المقترحة عليه للعلاج، إن كان في وضع صحي يسمح له بذلك. وربما نحتاج حتى يتبلور هذا المفهوم أن نحدد طبيعة العمل المطلوبة من كل موظف، وعليه فإن من حقه رفض أي عمل لا يتفق مع تصنيفه الوظيفي الذي يحدد طبيعة عمله بالتفصيل،فالمشكلة - كما حكت لي بعض الممرضات - أن بعض الأطباء يطلبون منهن أعمالاً ليست من صميم عملهن، كإحضار القهوة أو الشاهي من كافتيريا المستشفى، وعندما ترفض الممرضة ذلك يكون نصيبها اللوم والتقريع أمام المرضى، أو الحصول على تقييم سيئ آخر العام، أو النقل لعيادات يكون فيها العمل غير مريح! بعض المستشفيات الخاصة الآن تقوم بخدمة رائعة، وهي إرسال رسائل تذكير بالموعد وتاريخه وساعته مذيلة باسم الطبيب ورقم العيادة، وهي خدمة جميلة جداً تقوم بمهمة التذكير والتحديد بوضوح، مع وضع رقم مباشر في حال الاعتذار عن الموعد، وهي أيضاً ثقافة مفيدة يجب أن نتعلمها أيضاً، فهي لا تكلف شيئاً وتمكن مريضاً آخر من الاستفادة والحصول على الخدمة المطلوبة، ومن الأهمية بمكان أيضاً أن يعلم المريض وذووه الكلفة التقريبية للخدمات المتوقعة حتى يتمكن من التصرف وحتى لا يفاجأ بمبالغ ضخمة لا يستطيع سدادها، تجعل المركز العلاجي بين نارين، نار البعدين الإنساني والديني اللذين يحتمان تقديم يد المساعدة لحالات الطوارئ، ونار كلفة التشغيل ومتطلبات العمل ورواتب الموظفين وخلافه. لفت نظري خبر خاص عن شهامة طبيب قام بإنقاذ مريض سقط مغشياً عليه في مستشفى أثناء انتظاره لطبيبه، وكُتب الخبر بطريقة غريبة وهي"شهامة طبيب تنقذ مريضاً في مستشفى حكومي"، وظللت أتساءل هل تعتبر تقديم الخدمة لمريض في مستشفى حكومي حتى لو كان المريض في مكان الانتظار، وحتى ولو كان الطبيب ليس طبيبه المعالج، وهل تعتبر شهامة أم تعتبر واجباً مهنياً وإنسانياً يوجبه القسم الطبي؟ الذي أعرفه جيداً هو أنه واجب يشكر عليه، ربما يكون الطبيب انتهى من ساعات عمله، ولذلك أعتبره أنا واجباً مهنياً فقط، بينما أعتبره الصحافي كاتب الخبر شهامة! ما أريد قوله هو أهمية التعريف بأن هناك تبادلاً منفعياً إنسانياً موجهاً، له أهداف من جهة تقدم الخدمة المطلوبة، مستحضرة كل المفاهيم المتعلقة بالعمل كالجودة والبُعدين الإنساني والديني لعمله تستحق الشكر عليه... وجهة تحتاج للخدمة وتستحق معاملة لائقة محترمة وخدمة سريعة وعادلة، عندما يصل هذا المفهوم للطرفين بوضوح عن طريق التوعية والإعلانات الموجهة والمدروسة، عندها فقط سيكون للشعار الجميل"مرحباً... تسعدني خدمتك"صدى رائع. [email protected]