د. محمد الحارثي نُعرّف ( الغيبة ) كما يتناقلها النّاس بأنّها: الحديث بسُوءٍ عنِ الغيرِ ، سواءً كان ذلك حقيقيًّا أمْ خلافه. ويكثرُ الحديث عن النّاس في الكثيرِ من الاجتماعاتِ ولا يهنأ البعض حتّى يذكر عِلّةً في فُلانٍ ، وانتقاصٍ من حقّهِ.ولا يقتصر ذلك في الاجتماعات فقط ولكن مانُشاهده أيضًا في وسائلِ التواصل من استهزاءٍ بفئةٍ مُعيّنةٍ ،أو قبيلةٍ ما،وما يُنشرُ من مقاطعٍ دُون عِلمٍ من أصحابها. فجميعها تدخل في بابِ التّجسُّسِ والغيبة. وهي صِفاتٌ اتّصفَ بها المنافقون على مرّ الأزمان. ولا زالَ البعض يُزاوِل متعة الحديث عنِ النّاس في كُلّ ما يقول. فلماذا كلّ هذا..؟! ألا يُوجد نِقاشًا يدور في تلك الاجتماعات يُغني عن التّطرّق لمثل ذلك..! يُقال فلانًا فيهِ كذا وكذا،وعمِلَ كذا وكذا.. بينما يكون الحديث عن حسناتهم قليلًا بعض الشيء. فما الدّافع لتلك النُّفوس إلى فعلِ ذلك؟ لعلّنا نُجيب فنقول: بأنّهم تركوا حديثِ رسولِ اللهِ الكريم-صلّى الله عليهِ وسلّم- حين قال: أتدرونَ ما الغيبة..؟ قالوا : الله ورسولهُ أعلم. قال : ذِكرُكَ أخاكَ بِما يكره. قِيل: أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقول. قال: إن كان فيهِ ماتقول فقد اغتبته ، وإن لمْ يكن فيهِ ماتقول فقد بهتّه..(رواه مُسلم). واتّجهوا للأسف إلى خلافِ ما نهى عنهُ النّبي -صلّى الله عليه وسلّم-في هذا الحديث. لِذا كان الأحرى بالمسلمِ أن يمسكَ لسانه عنِ الحديثِ في النّاس. لحُرمتها، و لما يدخُل فيها من سُوء الظّنِ ، والتّجسّس. فكِلاها سيّئة،وقد حرّمها الله -عزّ وجلّ-في قولهِ تعالى: ( يا أيُّها الّذينَ آمنُوا اجْتنبُوا كثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إنَّ بعضَ الظَّنِّ إِثمٌ،ولا تَجسَّسُوا ولا يَغتَبْ بعضُكُم بعضًا أَيُحِبُّ أحدُكُم أنْ يَأكُلَ لحمَ أَخِيهِ ميتًا فَكَرِهتُمُوهُ واتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ توَّابٌ رَحِيمٌ ). وللغيبةِ أثر في النُّفوسِ فبها تتباعد، وتتناحر،وتتباغض. فكمْ نسمع من المشاحناتِ الّتي سبّبتها بين النّاس.سواءً كانت تلك الغيبة لصفةٍ في البدنِ،أو في الأخلاقِ،أو في النّسبِ….إلى آخره. فيا أيّها النّاس ابتعِدوا عن الحديثِ بما تكرهون أن يُحدّث عنكم..! فكما قيل: الغيبة تلك الصّاعقة المُهلكة للطّاعات. فلا تكونوا من أصحابها.واحفظوا ألسنتكم عن ذلك. * اِحفظْ لِسانكَ أيُّها الإنسانُ لا يلدغنّكَ…..إنّهُ ثُعبانُ…. حفِظَ اللهُ ألسنتنا عن الغيبة.. وجعلنا ممّن يتّبع سُنّة نبيّهِ في حُسْنِ المعاملة..