سلوك القائد وأثره في فاعلية وإنتاج العاملين بقلم:عطيه السهيمي تعدّ المدرسة ركيزة أساسيّة في النظام التعليمي ، ويتوقّف نجاح العملية التعليمية والتربويّة على كفاءتها وفاعليتها . كما يُنظر للمدرسة من خلال الفكر المنظومي على أنها نظام اجتماعي هادف ، يقوم على العلاقات الاجتماعية والتفاعل بين أفراده ؛ للقيام بالمهام والواجبات في إطارٍ من العلاقات التنظيميّة التي تحكمها اللوائح والأنظمة ، والتي تجسّد في مجملها التنظيم الرسمي للمدرسة ، وفي ذات الوقت تشكّل العلاقات القائمة بين إدارة المدرسة والمعلمين وما ينشأ عنها من تفاعل اجتماعي الجانب الأكثر أهميّة في المدرسة والذي يُعبّر عنه بالتنظيم غير الرسمي ، ويعمل كِلا البُعدين على تحقيق أهداف المدرسة . ولما لإدارة المدرسة من أهميّة في تنسيق جهود المعلمين والعمل على تحفيزهم وتهيئة الظروف المناسبة التي تساعدهم على القيام بمهامهم وواجباتهم على الوجه الأمثل ، يأتي دور قائد المدرسة في تعزيز هذه الجوانب المهمة . وتتأكّد أهمية الدور القيادي لقائد المدرسة من خلال نجاحها وقدرتها على تحقيق أهدافها وأداء رسالتها بالاعتماد على السلوك الذي يتبنّاه القائد ، والصفات القيادية في شخصيّته . وتأتي أهمية السلوك القيادي لقائد المدرسة كأحد العناصر المهمّة في التأثير على المعلمين واستثمار ما لديهم من طاقات وقدرات كامنة ، حيث أن القيادة في الإدارة المدرسية تستمدّ قوّتها من استثمار الجماعة والتأثير فيها ، وأن قائد المدرسة العصريّة يمارس واجباته بسمات قيادية وبنظرة إنسانيّة . فهو ينسّق الجهود ويفوّض الصلاحيات ويجادل الآخرين بالحكمة والموعظة الحسنة معتبراً دور القيادة أساساً هي عملية التوجيه ، وذلك لما للقائد من تأثيرات على مجريات الأمور في أي تنظيم . ومن خلال ما تشهده العملية التعليمية والتربوية من تحديات وما تواجهه من مستجدات يتأكّد هنا أهميّة السلوك القيادي لقائد المدرسة في ضوء المسؤوليات والمهام التي توكلها إليه الإدارة التعليميّة ، وذلك لما للسلوك القيادي من أثر في فاعليّة وإنتاج العاملين . كما أنّ للتواصل الإنساني لقائد المدرسة مع الأتباع الدور الكبير في التأثير فيهم بفاعلية ، وبالتالي استثمار طاقاتهم الاستثمار الأمثل في العمل داخل المدرسة ، فالعملية التعليميّة والتربويّة عمليّة إنسانيّة بالدرجة الأولى ، تتمّ من خلال وبواسطة الإنسان ، ممّا يقتضي إلمام القائد التربوي بمهارات التواصل الإنساني ، التي تحفّز وتشجّع وتطلق طاقات العاملين بالمؤسسة التربويّة . والذي يقوم بأي عمل ما ، فإنه يحتاج إلى قيم ومُثُل عليا تكون هي الضابط والموجّه لسلوكاته وممارساته ؛ حتى يقوم بهذا العمل على الوجه الأكمل . إلا أن الذي يعمل في الميدان التربوي بشكل عام والقائد التربوي على وجه الخصوص يحتاج إلى هذه القيم أكثر من غيره . وقائد المدرسة وبما يملكه من القدرة على إحداث التغيير في بيئة المدرسة ، وباعتباره المرجع الأول للأتباع ينبغي عليه أن يتحلّى ويتمثّل بقيم العمل التي تساعده على تحقيق ذلك . و عليه ، ينبغي أن يمثّل القائد القدوة الحسنة والمثل الأعلى لمرؤوسيه في الكفاءة الوظيفية والمقدرة الإنتاجية والسلوك القويم والتزامه بواجباته واحترامه للوقت وإبرازه ولاءً كبيراً لمؤسسته ، وأن يزرع حب العمل والانتماء في نفوسهم . فقيَم قادة المدارس تُعدّ الجوهر الأساسي لثقافة المدرسة ، فهم الذين يُسهمون في تشكيل ثقافة مدارسهم من خلال القيم التي يؤمنون بها وبخاصّة في مجال العمل . وتحدد طرقهم التي يتعاملون بها في المواقف التي تمرّ بهم ، ولها تأثيرها على أساليبهم وأنماطهم القيادية التي يمارسونها .