الإحباط الذي تجلّى على مُحيى جو هارت، أكدته الجمل التي كان يختارها بمنتهى الدقة والحذر إذ لاح شبح مغادرة العرس الكروي في الأفق بعد الخسارة المريرة أمام أوروجواي في ساو باولو بنتيجة 2-1. كان بالإمكان أن تأخذ الأمور مجراً مغايراً. إذ تعالت هتافات الأنصار القادمين إلى البرازيل في ربع الساعة الأخير من عمر مقابلتهم الثانية ضمن المجموعة الرابعة والذي كان مصيرياً بأتم معنى الكلمة. فقد شاهدوا واين روني وهو يهز الشباك في مرحلة المجموعات للمرة الأولى في مشواره الكروي في كأس العالم FIFA معدّلاً بذلك نتيجة المباراة وباعثاً بصيص أمل في نفوس الأنصار. ولكن قذيفة لويس سواريز التالية جرفت بفريق المدرب روي هودجسون إلى الهاوية. كما تتبع اللاعبون على أعصابهم، شأنهم شأن الأنصار، المفاجأة التي فجرتها كوستاريكا يوم الجمعة بانتصارها على الأزوري بنتيجة 1-0 ليتيقن ستيفن جيرارد وزملائه وكذلك جماهير منتخب الأسود الثلاثية الذين قطعوا المحيط الأطلسي في رحلة طويلة بأنهم عائدون للديار على جناح السرعة. سيحزمون أمتعتهم وخيبة أمل أخرى تثقل كاهلهم، فمنذ السويد 1958 لم يخرج المنتخب الإنجليزي من أي بطولة لكأس العالم FIFA قبل انطلاق الدور الثاني. وبالنظر إلى ردة فعل هارت فإن كل المعنيين بالأمر يشعرون بمرارة الخسارة. بيد أن لاعب مانشستر يونايتد كان جل تفكيره منصباً على إيصال رسالة إلى أبناء بلده. لعبنا مباراتين جيدتين من الجانب التكتيكي ولكن في نهاية المطاف هذا الأمر غير مهم إن لم يتحقق الفوز. خسرنا مباراتين أحسسنا أنه كان بإمكاننا الفوز بهما، لكننا لن نقم بذلك. جو هارت وصرّح ابن السابعة والعشرين في هذا الصدد قائلاً "لا يمكنني أن أفي الأنصار الذين قطعوا كل هذه المسافة إلى البرازيل لتشجيعنا حقهم من الشكر، أود لو أنني كنت سأفكر القيام بالمثل إن لم أكن في صفوف الفريق." واستطرد قائلاً "أعشق بلدي وأفتخر باللعب من أجله. إنني فخور جداً باللعب في الميدان لتمثيل كل من لحق بنا إلى هنا وكل من يشجعنا في أرض الوطن. أعي جيداً أن الكثيرين لم يتمكّنوا من المجيء. قدّمنا كل ما في وسعنا ولم يتبقى لنا ما نقدمه سوى نتائجنا." هما لحظتان من الإبداع التقني المحكم لسواريز العائد من الإصابة، وهو ندّ معروف جيداً في الدوري الإنجليزي الممتاز، هزت فيهما الكرة شباكه باعثتين الأمل من جديد في قلوب منتخب أوروجواي ومحطمتين معنويات عناصر المدرب هودجسون. اعتقد هارت أن التشكيلة التي أقحمها المدرب بهدف مواصلة الحماس الهجومي المنشود والذي أحكمت به قبضتها على إيطاليا تحكمت في زمام المباراة أمام المتوّج باللقب مرتين. ولكن حينما انجلى غبار الموقعة، وجد حارس المرمى نفسه أمام تحد للتغلب على مرارة الهزيمة. وصرح في هذا الشأن قائلاً "شعرت بأن مردودنا كان الأحسن طيلة المباراة رغم تأخرنا بفارق هدف. كان لدينا ما يكفي من الوقت للتسجيل فقد كان منتخب أوروجواي جد متراجع. كانوا يدافعون في العمق وتلقوا هدفهم من ضربة طويلة. لم يباغتونا البتة. إنه لأمر مخيب للغاية ولكن ينبغي علينا المضي قدماً." وأسهب قائلاً: "كانت غرفة تغيير الملابس أكثر صمتاً كما يمكن لكم أن تتوقعوا. يعمّها جو من خيبة الأمل. لعبنا مباراتين جيدتين من الجانب التكتيكي ولكن في نهاية المطاف هذا الأمر غير مهم إن لم يتحقق الفوز. خسرنا مباراتين أحسسنا أنه كان بإمكاننا الفوز بهما، لكننا لن نقم بذلك."