لماذا هذا الصمت الذي يخيم على مجتمعاتنا في تناول قضية عنف الزوجة ضد الزوج ، هل لأن مجتمعاتنا ذكورية يرفضون التعرض لهذا الموضوع جملةً وتفصيلاً ؟ أم أن الرجال ينحرجون من ذكر مايتعرضون له من عنف لفظي أو معنوي أو مادي، لان في ذلك انتقاص لرجولتهم و إهانة لكرامتهم. وما الذي يحول الجنس اللطيف الناعم الرقيق ، منبع السكينة والمودة إلى شخص حاد الطباع سليط اللسان نابي الألفاظ ، فهل عنف المرأة ضد الرجل رد فعل لعنف الرجل ضدها ؟ إن من الأسباب الرئيسية التي قد تدفع بعض الزوجات إلى كراهية الزوج إلى حد ممارسة العنف ضده هي : الخيانة والإهانة والعنف بوجهيه المعنوي والمادي الذي يمارسه بعض الأزواج ضدهن، فالرجل هو الدافع الأول لعنف المرأة، بالإضافة إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي طرأت على حياة المرأة اليوم ، مع ضعف الوازع الديني لدى الاثنين وعدم معرفة حقوق وواجبات الطرفين . فبعض الأزواج يهمل زوجته وكأنها مجرد كرسي في المنزل ، بمعنى أنه يأخذ شبابها او يأخذ أموالها وقد يأخذ أولادها ، حتى اسمها يسلبه منها ، ولا تجد من يحميها أو يقف بجوارها فتصبح بحكم الميتة، وفي تلك اللحظة المجنونة قد تقدم على مالا يحمد عقباه ، فليس لديها ماتخاف من فقده ، فلقد فقدت كل شيء فتصب جام غضبها على ذلك المتسبب في حالتها الراهنة دون رحمة . الحقيقة تكمن أيضاً وراء أن دور الأب لم يعد كسابق عهده ، فلقد تنحى بعض الآباء عن مهامهم ،وتصدرت الأم في تصريف وتدبير أمور المنزل خارجياً وداخلياً فهي تعمل خارج البيت وداخله ، وزاحمت الرجل بل وتفوقت عليه في بعض الميادين، وطالبت بجميع حقوقها وحصلت عليها فأصبحت مساوية له في شتى المجالات ، لم تعد تلك المرأة المغلوبة على أمرها وإن غلبت وكبتت إحساسها، نفست عنه بعنف قد يفوق التصور . ونجد أن حالات العنف لا تقف على فئة أو طبقة معينة بل يوجد حتى لدى الفئات المثقفة والغنية فهل هي أزمة رجولة لدى البعض ، نقلت السلطة والقوامة إلى النساء؟ والى أي مدى يمكننا الحد من انتشار مثل هذا العنف ضد بعض الازواج ؟ نحمد الله كثيراً أن مثل هذه الظاهرة السيئة لا تمثل إلا فئة قليلة من مجتمعاتنا ، فالمرأة المسلمة الصالحة على درجة من الوعي الديني والإحساس بالمسؤولية تجاه دورها بعملية الترابط والتماسك الأسري ،وتنشئة أجيال صالحة في جو من المحبة والسكينة والاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة كبيراً وصغيراً، أباً وأماً، أختاً وأخاً ، فمتى توفر الاحترام والاهتمام عاشت الأسرة في وئام . أيها الزوج الكريم ، المرأة بحاجة إلى أن تشعر بأنها ملكة في مملكتها الخاصة ، لا مجرد قطعة أثاث او آلة تؤدي واجباتها تجاه الجميع ،بينما يهمل الآخرون حقوقها ومشاعرها، تريد أن تحيا حياة طبيعية وأن تعامل معاملة إنسانية ، كن ليناً حكيماً متفاهماً ، فاهماً طبيعتها لا تخدش كرامتها ، كن لها أباً و أخاً ، وحبيباً وصديقاً ،كن لها كل شيء ،ولا تكن في نظرك لا شيء ،أشعرها باهتمامك و احترامك وتقديرك واحتياجك لها . و أنت أيتها الزوجة الرقيقة ، لا تتنصلي من أنوثتك ، ولا تتصرفي بحماقة ولا تتلفظي بألفاظ غير لائقة ،ولا تمارسين دورين، دور الرجل والمرأة معاً ، كوني امرأة راقية حسنة المظهر والقول، حاوري ولا تجادلي ، كوني على قدر من الكياسة والخبرة ، والثقافة وتحلي بالصبر قدريه حق قدره ولا تبخسيه حقه . فبقليل من الحب ، وكثير من الاحترام والاهتمام ، سوف تنعمان بحياة هنيئة وعيشة رضية في جو من المودة والرحمة الأبدية ، قال تعالى : } وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21) سورة الروم وليكن شعارنا منذ الآن وصاعداً لا للعنف نعم للطف . بقلم الكاتبة / مرفت محمود طيب