من الواضح والمؤكد بأن الكثير منا قد سمع عن هذه المقولة , والتي هي عنوان لمقالي هذا ( إللي عطاهم بالملعقة , يعطينا بالشوكة ) , فهي مقولة معروفة ومشهورة جدا يتعالى صيحها ويقولها الفقير دائما قبل أن يقولها أصحاب الطبقات الوسطى أي ما قبل أو تحت طبقات أهل الغنى , ولأن أهل الغنى لا يحتاجون أصلا لهذه المقولة أو لمثلها أو حتى لسماعها , ولكي لا تضايقهم أساسا بها , فالغنى والفقر عموما ماهما إلا رزق ونصيب قد رزقه وكتبه الله سبحانه وتعالى , وقسمه وأوجده بين سائر العباد ليكون هذا العبد غنيا وهذا العبد الآخر فقيرا , وهو الرزاق سبحانه جل وعلى شأنه والعالم والمطلع والمغير من حال إلى حال , والمبدل لكل الأحوال , فلربما يصبح العبد غنيا بعد فقر بأمر الله عز وجل , وكذلك العكس لأن يصبح العبد فقيرا بعدما قد كان غنيا وهو أيضا بأمر الله , كذلك فإن الغنى والفقر حكمة من الله عز وجل لأن يميزها لعباده ويجعلها لهم كإبتلاء وإختبار في هذه الحياة الدنيا , ولكي يطلع ويعرف بها لمن سيحمدونه ويشكرونه على ما أنعمه به عليهم , أو لمن سيجزعون على ما قد كتبه وقسمه الله لهم , لهذا فالحمد والشكر واجب ومطلب لله دائما وأبدا سواء أكنا أغنياء أم فقراء , والحكمة من كل ذلك أيضا هي الصبر والتصبر دائما وأبدا , سواء على الخير أم على الشر . فالفقر ليس عيبا لأن يكون العبد فقيرا , وإنما العيب لأن يكون العبد قويا في بدنه ويمد يديه من أجل الحاجة , فاسئلوا الله أولا وأخيرا وأدعوه ليل نهار لأن يغنينا بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه , فهو سبحانه وتعالى منزل الرزق لعبده لأن يرزقه من حيث لا يحتسب , قبل أن تسألوا الناس , والعمل هو أساس الغنى والوقاية من السؤال لطلب المال أو لقصد الحاجة من هذا أو ذاك لتناله منهم بعد ذل ومهانة , ولا تجزع أيها العبد أو تتذمر ممن عطاهم الله بالملعقة , فلم ولن تعلم والعلم دائما عند الله لأنه علام الغيوم وعالم الغيب بنا جميعا , بأن هذا العبد الغني والذي قد أعطاه الله بالملعقة فلربما قد نزع الله منه وفي نفس الوقت الصحة والعافية والبركة في ماله أوأهله أو أبنائه , لهذا فقد تجده في أفضل غناه , إلا أنه ناقص في عقله أو به هم وغم وشقي في دنياه وليس سعيدا , بعكس تماما العبد الفقير والذي قد أعطاه الله بأقل من الشوكة , فستجده حتما فقير المال إلا أنه وبلا شك غني بالصحة والعافية أوبالعلم والمنفعة أو قد تجده سعيدا في حياته قنوعا ومكتفيا ليبارك الله له في ماله وأهله وولده . وختاما .. فتأكد دائما بأنه لا يوجد في هذا العالم مخلوق كامل , فالكامل دائما وأبدا هو الله سبحانه وتعالى الخالق والرازق ولا معبود سواه , فهو المسهل والمدبر لكل حال ولكل الأحوال والمفرج للهم والكربات , والصدقة هي نجاة لكل عبد لتمحوا أو لترفع عنه السوء باذن الله , ولتعلم بأن الصدقة للفقير من قبل هذا الغني إنما هي زيادة في الرزق وسعة في الصدر وسبب في ظهور الصحة والعافية , والحلال بين والحرام بين ومن أراد الغنى من حرام فتأكد بأنه سيذهب ويزال في لمح البصر لأن الغنى المحرم والذي يأتي في لمح البصر سيذهب ويزال حتما في لمح البصر , ولن يعيش أحد في زمن غيره أو في زمن ليس بزمانه , فاليوم أنت فيه غنيا ولكنك ستكون حتما في يوم من الأيام مكان هذا الفقير والعكس صحيح , فهذه هي الدنيا الفانية والتي ستكون في يوم لك وفي يوم عليك . سامي أبودش كاتب سعودي . http://www.facebook.com/samiabudash