طرح الإنجليزي جيمس بد، الذي عمل معلماً للغة الإنجليزية في عنيزة السعودية، فترة ستينات القرن الماضي، مذكرات روي فيها قصة 5 أعوام قضاها في المملكة. وعمل جيمس بد في مهنة التدريس في المدرسة الثانوية في عنيزة معلماً للغة الإنجليزية في الفترة بين سبتمبر (أيلول) 1965 وحتى يناير (كانون الثاني) 1970، وهي تجربة امتدت نحو خمس سنوات قضاها في هذه المدينة، وتعد هذه التجربة رواية توثيقية لمسار شخصي وثقافي ومجتمعي وإنساني. وحمل عنوان المذكرات التي سطرها المعلم الإنجليزي: «العاشرة والنصف عصراً… رحلة إنجليزي من عنيزة إلى مكة»، وترجمه إلى العربية الدكتور جاسر بن عبد الرحمن الجاسر، وقدم الترجمة الدكتور إبراهيم بن عبد الرحمن التركي، وهما من أبناء عنيزة وعايشا المؤلف عندما كان معلماً في مدينتهما. ولخص المؤلف في كتابه الذي احتوى على سبعة فصول وجاء في 320 صفحة هذه التجربة الثرية حينما قال: لم أدوّن خلال إقامتي في عنيزة أي شيء عن حياتي هناك عدا بعض حكايات قصيرة وبعض الوصف في رسائلي إلى عائلتي وأصدقائي، وأعلم أن هذا من سوء حظي؛ ففي ذلك الوقت الذي كنت أعتقد فيه أن لدي القدرة القوية على تذكر حقائق وأحداث، وأن تدوين هذه الأشياء في مذكرة هو عمل شاق وليس له معنى، أدركت الآن بعد مرور أربعين عاماً كم كنت مخطئاً. وأعتقد أنني لم أدرك أن الانطباع الأول عن المكان يمثل الصورة النابضة بالحيوية، وأننا إن لم ندوّنها في وقتها فسوف تذبل، حيث إننا في النهاية سوف نرى فقط الصور التي نحفظها عند مغادرتنا في نهاية المطاف، أما الباقي فسوف يفقد بريقه ويتهالك. وأضاف: «هذا ما حدث لي بعد مرور خمس سنوات وبعدها لم يعد لدي قدرة كافية على إدراك الأشياء المحسوسة من حولي. أما الآن وحين أعود بذاكرتي إلى الأيام الماضية، فإن الصورة التي في مخيلتي أصبحت شاحبة والوجوه، والألوان غدت عبارة عن كتل متداخلة وغير واضحة، ورغم ذلك فإنني أحياناً أستمع إلى مقتطفات قصيرة من أغاني أم كلثوم التي تذكرني بليالي الصيف حينما كنت أتناول البطيخ تحت أشجار النخيل، وتذكرنا أيضاً بجلساتي مع الزملاء حينما كنا نتسامر حول منقل الفحم والحطب في ليالي الشتاء، نحتسي الشاي والقهوة على ضوء المصباح الزيتي". وفق “مزمز”. واستطرد: «في بعض الأحيان حينما أذهب إلى لندن أشم رائحة المطازيز، الطبق التقليدي في القصيم، وهو مؤلف خليط من عجينة طحين القمح واللحم والكركم واليقطين، الرائحة التي تنبعث من نوافذ شقق السعوديين السياح في منطقة بيزووتر، تلك الرائحة التي تؤجج ذكريات روائح الطبخ في أزقة عنيزة المغبرة خلال ساعات الغداء الناعسة، وحينما ألتقي مع بعض الأصدقاء في مناسبات نادرة في إنجلترا أو البحرين نتحدث عن ذكريات الزمن الماضي، وحينها تعود فجأة حيوية شبابنا بشكلها الجلي». غادر جيمس بد السعودية عام 1970 وزار عنيزة التي عشقها وأحب أهلها عام 2011. ولد جيمس بد في بلدة رغبي بإنجلترا أثناء الحرب العالمية الثانية، ودرس العربية في كامبردج وعمل معلماً للغة الإنجليزية في ثانوية عنيزة من عام 1956 وحتى 1970م، ثم عمل من عام 1970 وحتى 1983م في شركة نفط الكويت، شركة «شل» في قطر، مدرسة الطيران المدني في الدوحة، ثم انتقل في عام 1984 إلى مسقط، حيث عمل لعامين مترجماً ومدرساً للغة الإنجليزية في أحد معاهد اللغات، والتحق بوكالة الأنباء العمانية سنة 1992، وعاد أخيراً إلى إنجلترا سنة 1998، وهو يعيش منذ ذلك الحين بالقرب من ريفر ستاور.