إعداد - محمد المرزوقي / راجعه وقدم له الزميل التركي: جاء مؤلفه في عام 1965 م أستاذا للغة الإنجليزية في المدرسة الثانوية بمدينة عنيزة، حيث سموه أهلها ب(يوسف) إنه «جيمس بد» الذي مكث معلمًا خمسة أعوام، ليغادر عنيزة غيرَ مختارٍ لأسبابٍ أشار إليها في سيرته الذاتية التي قصرها على أعوام إقامته في عنيزة، التي يروي خلالها - أيضا - حكاية اعتناقه الإسلام بعد ثمانية عشر عامًا من مغادرتها 1988م نتيجة اقتناعه وقراءاته وخاصة المقارن منها التي وصفها «بد» أنها لم تتأثر بإبعاده عن مدينةٍ، قال عنها: أحبها وأحب أهلَها، وقد وكونت فيها علاقاتٍ حميمةً مع شبابها وكهولها وشيوخها الذين أحبوني، فلقد ظل معظمهم على ارتباطٍ وثيق بي. وبعد مغادرة «بد» عنيزة طوحت به ظروف المعيشة لتستقر به الحياة - مؤقتا - للسكن في أحد الأحياء القريبة من لندن، إلا أن ترحال المهنة والبحث عن لقمة العيش، أعادت «بد» مرة أخرى إلى بلدان الخليج العربي، ليشد رحاله إلى دولة عمان ومنها إلى مملكة البحرين، وغيرها من الدول العربية التي تنقل بينها معلما للغة الإنجليزية، وموظفا في أخرى. سيجد الزائر لمعرض جدة الدولي للكتاب 2016م وتحديداً في جناح (دار بسان) ضمن إصدارات الدار المشاركة بها في هذه الدورة، كتابا بعنوان: «العاشرة والنصف عصراً: رحلة إنكليزي من عنيزة إلى مكة» من تأليف: جيمس بد، ترجمة: الدكتور جاسر بن عبدالرحمن الجاسر، فيما راجعه وقدم له الزميل الدكتور: إبراهيم التركي مدير التحرير للشؤون الثقافية، حيث صدر الكتاب باللغة الإنجليزية بمراجعة من طلاب (بد)، ومنهم: معالي المهندس يوسف البسام، ومعالي الدكتور محمد السويل، واللواء طيار عبدالله اليحيى السليم، حيث دخل الكتاب منذ صدوره بالإنجليزية إلى حالة من الترقب لصدوره باللغة العربية، لما يمثله الكتاب من قيمة تاريخية رصدها المعلم (يوسف) وسرد فصول قصتها. لم تكن المفارقة الجوهرية التي يقصها الكتاب في عودة «جيمس» إلى دول الخليج العربية، إنما كانت خلال قدومه في إحدى السنوات بعد أربعة قرون لأداء فريضة الحج، حيث وجهت إليه دعوة لزيارة عنيزة التي عاد إليها بعد أربعين عامًا من مغادرتها، لتكتمل حبكة الحكاية من زاوية مختلفة عنيزة، ومن مشاهد لم تكن لتدر بخلد جيمس خلال فترة غيابه عن محطته العربية الأولى في عنيزة، التي يرويها بأسلوب شيق، ورؤية جمعت في مداد سردها إرثا ثقافيا واجتماعيا من تاريخ عنيزة، إذ يوثقٍ الكتاب جوانب مختلفة من الحياة الاجتماعية والثقافية خلال فترة هامة شهدت خلالها البلدان العربية كثيرًا من التحولات الفكرية والسياسية والمد القومي والحوار الجدليِّ بين معتنقيهما وحدثت خلالها حرب 1967م التي شكلت منعطفا هاما في تاريخ البلدان العربية عامة، إلى جانب ما دونه عن عنيزة بصفة خاصة التي يأتي في مقدمتها: الواقع التعليمي والعلمي والاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى لقاءاته برموز عنيزة ومثقفيها، إلى جانب ما ضمه الكتاب من المفارقات الطريفة التي مرت به خلال تجربته الفريدة، التي سبق وأن حاورته حولها (الجزيرة) حين زار المملكة 2011م، وأرفقت ذلك بصور من منزله الذي عاش فيه خلال إقامته وما يزال كما تركه. أما سبب اختيار «جيمس» لعنوان (العاشرة والنصف عصرا)، فقد جاء بمثابة الإشارة التي التقطها في إلماحة من المؤلف إلى التوقيت (الغروبي) الذي كان سائدًا وقت إقامته في المملكة حينذاك، ورمزا من «بد» بعنوان كتابه إلى وقت العصر المتأخر قبل أذان المغرب بساعة ونصف، الذي ربما اتخذه عنوانا (رمزيا) رمزيا للزمن الأهم الذي يختصر تجربة العمر حين تؤذن شمس نهاه بالمغيب. ولربما اختار «بد» عنوان كتابه تلويحة منه إلى كتابة الحياة ما قبل مغادرتها.. ولو بأقل من نصف ساعة من العمر!