يعتبر الزواج من أهم المشاريع في حياة الإنسان وذلك بسبب تحقيقه أهداف دينية واجتماعية وهو علاقة أبدية تمتد للحياة الآخرة ، ولابد من معرفة أن شريك الحياة ليس بالشخص المثالي فهناك تأثيرات سابقة بل لابد أنه يحمل في تكوينه الجيني والنفسي إيجابيات وسلبيات والبيئة التي عاش فيها ، وما يهم في شريك الحياة أن يلبي كل منهما احتياجات الآخر بطريقة تبادلية ومتوازنة وهذا لا يتطلب تشابههما أو تطابقهما وإنما يتطلب تكاملهما كما قال صلى الله عليه وسلم ( لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ). فمن المعروف بأن العلاقة الزوجية متعددة الأبعاد بمعنى أنها علاقة جسدية ، عاطفية ، اجتماعية ، عقلية ، وروحية ومن هنا وجب النظر إلى جميع تلك الأبعاد حين نفكر في الزواج ومن الخطأ التركيز على بعد واحد وعادةً ما يكون الاختيار على البعد الجسدي (الجسد ، الوجه) كما هو حاصل في الرؤية الشرعية ولا نعطي أهمية لبقية الأبعاد وهذا ما يفعله الأغلبية . وبعدها يكون بالمعرفة السطحية ، وقد يكون بالإجبار على شخص لا تريده أو لا يريدها وخاصةً بين الأقارب والتي في العادة لا تصح من ناحية صحية ونفسية مما أدى إلى ارتفاع نسبة الطلاق لعدم تأسيس العلاقة الزوجية بشكل صحيح وحتى لو كان منها ما هو مستمر فستجده زواج شكلي ناجح في ظاهرة فشل وصراع وخيانة في داخله ينقصه المودة والمحبة والرحمة والاحترام المتبادل والانسجام . وهذا ما يترتب عليه من آثار سلبية في تفكك الأسرة وازدياد العداوة والبغضاء والآثار السلبية على الأطفال ومن ثم الآثار الاجتماعية والنفسية العديدة بدءاً من الاضطرابات النفسية إلى السلوك المنحرف والجريمة وغير ذلك . ماذا لو كان الاختيار وفق الأبعاد التي تم تحديدها سابقاً مع اعطاء كل بعد نسبة (20%) بحيث تكون أقل من (70%) مرفوض، من (70%) إلى (80%) مقبول يحتاج إلى التفكير، من (80%) إلى (90%) مقبول يحتاج إلى استشارة من حولنا، فوق (90%) أعقد العزم ، ويمكن تعريف كل بعد على النحو التالي : البعد الجسدي : وهو مدى رضاء كل منهما عن شكل الآخر كجمال الوجه والجسد قد يكون لكل إنسان صورة ذهنية تشكلت منذوا الطفولة وبناءً عليها يحدد مستوى الاختيار . البعد الديني : كيف يكون تقييم الدين؟ هو اختيار يتم بناءً على اعتبارات دينية فتجد من يكون تدينه سلوكي فهذا الشخص يقوم بأداء العبادات والطقوس الدينية ولكن بدون معرفة كافية بحكمتها وأحكامها وهي مرحلة يجب أكمالها بالجانب المعرفي حتى لا تصل إلى مرحلة التطرف ، ومتدين معرفي تجده يعرف الكثير من أحكام الدين ومفاهيمه ولكن لا يلتزم بتعاليمه ، ومتدين انفعالي من يبدي حماس كبير نحو الدين ولكن لا يواكبه معرفة جيدة بأحكام الدين . البعد الاجتماعي : كيف ينظر للمرأة وكيف تنظر للرجل ؟ ما هو المقياس للقبول من خارج المجتمع المحيط به ؟ ماهي المعتقدات والأفكار المتشكلة عن الرجل أو المرأة ؟ كيف التعامل مع الأبناء ؟ من عائلة غنية أو فقيرة ؟ البعد العقلي : وفيه يحدد مستوى التعليم ، إضافةً إلى معرفة على أي نمط يفكر شريك الحياة وتحديد الشخصية فهناك شخصية صعبة العيشة معها مثل الشخصية البارونية (الشكاك) والذي يشك في كل الناس وسوء الظن فهو لا يعرف الحب أو الرحمة أو التسامح . والسيكوباتية (فاسد أخلاقيا ، مخادع ، يميل إلى الشر) والنرجسية (التكبر ، الشعور بالعظمة) . البعد العاطفي : حتى في حالة الحب القوي بين الطرفين لابد في الاختيار من وضع نسبة لا تتجاوز (20%) ومن الخطأ الاعتقاد بأن الحب وحده سيحل جميع المشاكل . على أي حال ، من لازال يصر على الزواج بالطريقة التقليدية فأقل ما يمكن فعله هو حضور برنامج تدريبي لتأهيل المقبلين على الزواج لوجود دراسة تؤكد بأن نسبة الطلاق لدى الشباب الذي خضعوا لبرنامج تدريبي منخفضة بشكل كبير جداً ، حيث بلغت (1.7%) مقابل (98.3%) ، وهذا أفضل من سماع نصائح منهم فاشلين في حياتهم الزوجية، قد نرى مستقبلا وجود شرط في عقد الزواج بوجوب تأهيل المتزوجين وتحديد مدى التوافق بينهما . بقلم سعد بن سليمان الفريخ