الجميع يعرف أهرامات الجيزة في مصر وهناك من قام بزيارتها أو على الأقل رؤيتها من خلال وسائل الإعلام ولكن ماذا تعرف عن أهرامات المكسيك والبوسنة والصين وكوريا وكمبوديا وكازاخستان والكثير من الأهرامات حول العالم والتي تتضارب حولها المعلومات وأهرامات النوبة في السودان التي تعتبر أكثر أهرامات في العالم بعدد 224 هرم مقسمة على ثلاث مناطق (الكرو55، نبته 29 ، مروي 140) إلا أنها لم تصل إلى شهرة جارتها أهرامات مصر وهذا قد يعود لعدة أسباب أبرزها ضعف الإعلام السوداني . وعندما قررت زيارة أهرامات السودان وقع الاختيار على أهرامات مروي التي يبلغ عددها 140 هرم الواقعة في قرية البجراوية بمحافظة شندي بولاية نهر النيل وفي المقابل لم أكن أعرف كيف سأتمكن من الذهاب إليها لبعدها عن العاصمة الخرطوم بمسافة 200 كم من ناحية الشمال الشرقي ولصعوبة المواصلات وسوء الطرق وتواضع المنطقة التي تقع فيها إلا أنه من حسن حظي بأني تعرفت على شخص من أهل قرية البجراوية التي تقع فيها الأهرامات فتم الاتفاق معه على أن يأخذني لها ونفس الوقت يقوم هو بزيارة أقاربه الذين لم يزورهم منذ خمس سنوات لعمله خارج السودان وفرصة المبيت عندهم لعدم وجود أي نوع من السكن في المنطقة وصعوبة العودة في نفس اليوم للعاصمة الذي قد يستغرق قطع المسافة أكثر من 5 ساعات . ومن قام ببناء أهرامات النوبة هم حكام المملكة الكوشية مقسمة إلى ثلاث مراحل الأولى التي بدأت من كيرما (2600 إلى 1520 قبل الميلاد) تلتها نبته من (1000إلى 300 قبل الميلاد ) وميروي (300 قبل الميلاد إلى 300 ميلادي) هذه الأهرامات هي عبارة عن معابد ومدافن لملوك النوبة القدماء وتتميز بصغر حجمها وتتراوح ارتفاعها بين 6-30 متر وعرض 8 أمتار وبزاوية انحدار 70 درجة وفي أعلى قمة الهرم لا ينتهي برأس مثلث بل شكل دائري . ومن الملاحظ أن الأهرامات فقدت الكثير من رونقها بفعل مرور الزمن والعواصف وعمليات التكسير والهدم التي استهدفت نهب الكنوز والمجوهرات وهذا ما قام به الإيطالي جيوسيبي فيرليني في القرن التاسع عشر بتفجير قمم 40 هرم ليتمكن من الحصول على ما تحتويه من ذهب . وبالرغم بأن أهرامات نبته سجلت ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 2003م وأهرامات مروي عام 2011م إلا أنها لم تلق الاهتمام على مر السنين من قبل الحكومة السودانية أو السياح وهذا ما جعل الحكومة القطرية تبدأ بمشروع إعادة تأهيل وترميم مجموعة من الأهرامات والآثار . أما ما قاله عالم الآثار السويسري شارلي بونيه بعد أن قضيت 40 عام من عمري وأنا أدرس الحضارة النوبية التي هي أول حضارة عرفتها البشرية وأن الفراعنة السود قد حكموا مصر وفلسطين إلى حدود العراق وأن أصل الحضارة الفرعونية موجود في السودان وكنا في البداية نبحث عن آثار مصر في السودان ثم ترسخت لدينا قناعة بأن تاريخ السودان العريق يجعل من مصر تابعة له وليس العكس . بقلم سعد بن سليمان الفريخ