كانت الفتاة العربية تأبى أن تزوج إلا من رجلٍ شجاع، كريم، قادر على الدفاع عن أهله، وماله، وقومه، وعلى الغزو، والكسب، إن شاء ذلك، فعادةً ما تكون الفتاة حافزاً للفتى على الفروسية، والشجاعة، وحب المنافسات الشريفة، إلا أن يكون رجلاً خاملاً، لا يعتد به، ولا يحسب له حساب، فتعشق الفتاة في الزمن الماضي الرجل الفارس الشجاع، بذكره، حتى ولو لم تكن تربطها به صلة قرابة، وتأبى الزواج من الرجل المتقاعس عن فعل مكارم الأخلاق، الذي لا يطمع بنيل المحامد، والذكر الحسن، حتى وإن كان ابن عمها، وكما يطمح الرجل، الذي يعتز بشجاعته، ورجولته، وحسبه، بالمرأة التي تناسب مقامه، فهن كذلك يطمحن إلى الرجل محمود السجايا، حسن السمعة. وفق "الرياض". ومن الأدلة على صحة هذه التقاليد المعتادة، التي جرت عليها العادة بين الفتيات، ما جاء في معنى البيتين الأخيرين من الأبيات الأربعة الآتية، وهم من ضمن قصيدة لفتاة توصي بها راكب ذلولٍ اختارتها لحمل قصيدتها إلى عمها، الذي هو ولي أمرها بعد وفاة والدها، فجاء إليه رجلٌ ليس في مقام الرجل الذي تحلم به تلك الفتاة، وطلب يدها من عمها، فقال له عمها: اذهب إليها، وأسألها عن رأيها في الزواج منك، فإذا وافقت عليه، فلا مانع عندي، وذهب الرجل إلى الفتاة، التي تعيش مع أمها، خارج حدود ديار عمها، وعندما وصل إليها، أخبرها بما دار بينه وبين عمها، وعرض عليها رغبته بالزواج منها، فرفضت طلبه، واستنكرت حدوث ذلك الأمر من قبل عمها، فبعثت إليه، قصيدة توصي بها حاملها، بأن ينقل إليه سلامها، ويبلغه قولها (اللاش لا يرسله يمي، إلى آخر ما قالت)، أي لا يرسل إليّ لاحقاً، إلا من تتوفر فيه مزايا الفروسية وكرم الخُلُق، حيث تقول: ياراكبٍ فوق خفاقه حمراءٍ تقل واشعه دمي سلّم على عمي شفاقه اللاش لا يرسله يمي حلفت أنا ما آخذ العاقه لو أقضي العمر عند أمي إلا لمن يحتمي الساقه لا درهم الجيش والتمي