: تشير الإحصاءات الرسمية الصادرة من المصلحة العامة للإحصاءات إلى أن البطالة بين النساء تقترب من 61.2% من النساء الراغبات في العمل وأن 85% من المسجلين في برنامج حافز من النساء، وبالنظر إلى التقرير الصادر من قبل المصلحة العامة للإحصاءات عن المرأة في السعودية نتكتشف أن نسبة العاطلات أكثر من نسبة الموظفات بكثير والتي تبلغ حوالي 396 ألف عاطلة ، ولذلك فإن النسبة الحقيقية لبطالة المرأة غير دقيقة وربما تتجاوز 50%. وبعيدا عن حافز فإن المتأمل للأرقام الضخمة للمتقدمات من النساء للجهات الحكومية التي تعلن عن وجود وظائف شاغرة ربما يثبت له أن بطالة النساء تتجاوز هذه النسبة بسهولة. فإذا أخذنا في الاعتبار أن التقديم على هذه الوظائف المعلنة مقصور على من تنطبق عليهن الشروط والمؤهلات المطلوبة، فإن هذا يعني أن هناك أعدادا كثيرة من الباحثات عن عمل لو انطبقت عليهن شروط التقدم لهذه الوظائف لوصل الأمر إلى أرقام عالية جدا، وهذا يعكس الحجم الحقيقي للنساء الراغبات في العمل ويفند وجهة نظر القائلين بأن المتقدمات إلى حافز غير راغبات في العمل. وبغض النظر عن الرقم الدقيق للبطالة بين النساء إلا أنها تصنّف بأنها مرتفعة جدا وتدل على خلل واضح يعانيه المجتمع السعودي في هذا المجال، وله جوانب كثيرة يأتي في مقدمتها الجوانب الاجتماعية التي تفرض حضورها بقوة في هذه القضية. ولذلك نستطيع القول بأن بطالة النساء في المملكة العربية السعودية "بطالة إجبارية" مفروضة على النساء في مجملها من قبل ثقافة المجتمع، الذي يفرض الكثير من القيود والمعوقات الاجتماعية والثقافية وبعض الأعراف والتقاليد التي تسهم جميعها في هذه البطالة وتمنع المرأة السعودية من الكثير من الفرص الوظيفية، والكثير من هذه القيود غير مقبول وغير عقلاني ويكاد يكون خاصا بالمجتمع السعودي الذي أصبح يعتمد على الرجال في الكثير من المجالات أو اللجوء إلى المرأة غير السعودية لممارسة بعض المهن كما هو الحال في مهنة التمريض حيث يوجد أكثر من مئة ألف ممرضة غير سعودية. عندما نتحدث عن بطالة المرأة في المجتمع السعودي فيجب علينا استبعاد الكثير من الأسباب المتعارف عليها والمؤشرات الاقتصادية المعمول بها عالميا، لأنها لا يمكن أن تساعدنا في فهم البطالة التي تعاني منها المرأة السعودية، ويجب علينا تقديم معيار واحد على جميع هذه المعايير وهو معيار "خصوصية المجتمع السعودي". وامتثالا لهذه الخصوصية أصبحت الوظائف في قطاع التعليم الخيار المفضّل وربما المتاح أمام المرأة في المجتمع السعودي، ونتج عن ذلك تكدس في هذا المجال بشكل واضح، ومهما تكن الحاجة في هذا القطاع فإنه لا يمكن أن يستوعب الجميع وله طاقة استيعابية سوف يتوقف عندها. وبالنظر إلى المجالات الأخرى باستثناء مجال التعليم نجد إحجاما من قبل المرأة عن العمل في هذه المجالات لأسباب كثيرة، وتكاد تكون خاصة بالمجتمع السعودي الذي يضع شروطا كثيرة لعمل المرأة. فالمرأة السعودية لا تفضل مهنة التمريض لأسباب اجتماعية وثقافية ولا يسمح لها بممارسة التجارة بكل أشكالها، ولا يسمح لها بممارسة الكثير من الأعمال الأخرى تجنبا للاختلاط، ولا يسمح لها بالعمل في المراكز التجارية. وعلى الرغم من محاولات وزارة العمل فتح مجالات جديدة لعمل المرأة إلا أنها تواجه بردة فعل قوية وأحيانا تصدر فتاوى بعدم شرعيتها ورفضها وعدم السماح للمرأة السعودية بممارستها لأن المجتمع أو بعض أفراده يرفضونها ولا يقبلون بها لأسباب اجتماعية أو ثقافية أو دينية، وقد يصل الأمر إلى تحريم الكثير من هذه الأعمال بحجة الاختلاط أو سد الذرائع، وينتج عن ذلك بقاء السعوديات في المنازل بانتظار مكافأة حافز وترك هذه الأعمال لغير السعوديات. مسيرة التنمية تحتاج إلى مشاركة فاعلة من قبل المرأة، ويجب إزالة المعوقات التي توضع في طريقها وفتح مجالات عمل جديدة وخلق فرص وظيفية وتهيئة الظروف للمرأة السعودية للمساهمة في مسيرة التنمية. فظروف الحياة تفرض على المرأة الحصول على عمل يوفر لها دخلا يمكنها من الاعتماد على نفسها، فبعض الرجال تخلى عن القوامة، إضافة إلى أن طبيعة الحياة ومتغيرات العصر والتحولات الاجتماعية والميل نحو الحياة الفردية أوجدت أسرا كثيرة تعيلها المرأة بشكل كامل فضلا عن التأهيل العالي والمقدرة والكفاءة التي أثبتتها المرأة السعودية في الكثير من المجالات. أسامة بن صالح الشمري [email protected]