لم يعد خافيا على أحد معايير التحضر والتخلف خاصة في عالمينا العربي الإسلامي الذي يدين أبناؤه بدين القيم الحضارية التي تبنى عليها أي حضارة محترمة. المشكلة أن ذاك الوهج السلوكي المتألق للسلف الصالح طيب الله ثراهم جميعا والذين أعطوا الصورة الحضارية للمجتمع العربي والإسلامي مشارق الأرض ومغاربها، وكانوا مصدر من مصادر الإلهام لشعوب العالم ، لم يعد كما كان بسبب تراخي أبناء المجتمع العربي المسلم في تطبيق كثير من تعاليم الدين بما فيها أهم القيم (المعايير) التي رسخها كمنهج حياة ومسطرة لقياس السلوك وهي: المعيار الأول- معيار الوقت حيث أن الأمة التي تحترم الوقت وتقدر قيمته وتحافظ عليه وتلتزم بضوابطه تعد أمة متحضرة والعكس، وهنا ديننا دين الوقت حيث أقسم الله به لأهميته "والعصر إن الإنسان لفي خسر" كما أن العبادات محددة بوقت وكل شيء في حياتنا له وقته وضوابطه، ومع ذلك فإن سلوكنا للأسف من ناحية احترام الوقت مخالف لتعاليم دينا وخاصة في عالمنا العربي وعلى وجه التحديد الخليجي؟! نعم الوقت لا يزال عندنا من خشب لا من ذهب كما لدى بعض الشعوب المتحضرة التي تنظم مواعيدها بالثانية والدقيقة، في وقت نحن لا نزال ننظم مواعيدنا بالساعات؛ "بين العشاوين" و"بين العيدين"..! المعيار الثاني- معيار احترام المكان من حيث النظافة وإجراءات السلامة وإتباع الإرشادات والتعليمات الأمنية وكل ما يتعلق بخصوصية المكان، والأدلة والبراهين على أن ديننا الاهتمام باحترام الأمكنة وخصوصيتها وأنظمتهما ونظافتها كثيرة ولا يتسع المقال لسردها فالمسجد له مكانته والبيت له مكانته والمدرسة لها مكانتها والشارع له مكانته، إلا أن من يرى بعض بيوتنا ومكاتبنا وشوارعنا وحتى مساجدنا يعرف أن ديننا ( دين الحضارة) يأمرنا بشيء ونحن نمارس شيئا مخالفا تماما لأوامره وتعاليمه؟! المعيار الثالث- معيار احترام الإنسان لا لشيء إلا لأنه فقط إنسان خلقه الله وكرمه بالعقل والمكانة؛ لا لونه أو جنسه أو عرقه أو دينه أو جاهه أو ماله، وهو ما نراه وللأسف بشكل أكثر في غير ديار العرب والمسلمين، مع أن ديننا هو دين الإنسانية الذي أعطى الإنسان من الاحترام والتكريم والحقوق والمساواة والحرية مالا يعطيه أي نظام أو قانون على وجه البسيطة. خلاصة القول، دعونا ننظر إلى هذه المعايير (الوقت، المكان، الزمان) ونحكمها بكل حياد وموضوعية في سلوكنا العام وممارساتنا اليومية مع الوقت والمكان والإنسان، لنعرف (إن كنا لا نعرف) ونحكم على أنفسنا هل نحن متحضرون أم متخلفون؟ وبالتالي نستطيع على ضوء نتائج هذه المعرفة أن نقوم بإصلاح أنفسنا لنرق للمكانة التي يجب أن نكون عليها كما أراد الله لنا أن نكون، والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. والله الموفق.