والله عشنا وسمعنا بأن هناك منّا من هو إرهابي بمؤهل عالي. ومن العجب لازال العالم يخشى من دخولنا إلى بلادهم ومخالطتهم والعيش بينهم لا خشية من أشخاصنا بل خوفاً من غدرنا وخداعنا وقتل الأبرياء منهم. أصبحنا أناسا مميزين لا فرق بين متعلم وجاهل أو طالب مبتعث أو سائح. هكذا وضعنا أصبح محرجاً حتى مع أنفسنا قبل غيرنا. نحن نعذر الدول الغربية عندما يعتذرون لنا أو لبعضنا من إعطائهم الفيز لدخول بلادهم حتى للعلاج أو للزيارة. إنهم يتأخرون في السماح لبعضنا أو التحقيق مع البعض الآخر منّا. أصبح دخولنا لأي دولة متحضرة يثير القلق عند أهلها ووجودنا بينهم غير مرحب به؟ تطور استخدامنا للمتفجرات وخداعنا للآمنين حتى أصبح منّا للأسف متخصصون يحملون كما سمعنا مؤهلات وخبرات عالية في المفرقعات (المتفجرات) والتوصيلات الكهربائية عن بعد. رغم أن ديننا وعقيدتنا السمحة تمنع ذلك الغدر والخداع بالآمنين. يسمى ديننا (بالإسلام) بمعنى الأمن والسلام والاطمئنان وعندما ندخل على الآخر نقريهم السلام بمعنى نؤمنهم على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم! أصبحنا اليوم نلصق بالإسلام تهماً ليست منه ونعيب ديننا والعيب فينا بما ليس فيه. جنى الكثير منّا على أنفسهم وبلادهم وهويتهم فأصبحنا أُناسا يشار إلينا بالهمجية والغوغائية غير متحضرين أو حتى متعلمين. سخّرنا تعليمنا لإيذاء انتمائنا حتى لبلادنا وديننا ونبينا الرسول الأعظم وعروبتنا وهويتنا. أسأنا لصفات المسلمين وغزواتهم وآدابهم ونبل أخلاقهم حتى في حروبهم. كان الغرب يحترمنا ويقدر فينا رغبتنا وطلبنا للعلم والحضارة ويحضرني هنا عندما كنت طالباً في أمريكا وكانت الفيز التي تمنح لنا كطلبة آنذاك أشبه ما تكون بالفيز الدبلوماسية كان لنا صوت وحضور ورغبة في وجودنا وترحيب بطلباتنا. نقارن اليوم بين الماضي والحاضر نجد أننا أسأنا لأبنائنا الطلبة المبتعثين وحتى طالب العلاج في الخارج أو السياحة لنأخذ اليوم قضية اعتقال عبدالباسط المقرحي كمثال بعد إطلاق سراحه كقضية إنسانية حضارية تنم عن مبدأ وقيم ليموت بين أهله وذويه في بلده وكيف تم استقباله في بلده وكأنه حقق انتصارات إسلامية وطنية للإسلام والمسلمين ! أليس هذا ينم عن تناقض في المشاعر والعواطف وكذلك في تقدير المسؤوليات والأدوار الملقاة على عاتق المسلمين. أليس هذا مزيج من الحقد والخداع. جعل أستكلندا تقارن بين المعاملة الإنسانية التي عُومل بها المقرحي وبين الحقد الدفين لدى المسلمين عند استقباله. هذه الصورة أخذت منحى آخر لدى الأوربيين بنوع من الاشمئزاز والنفور لهذا الاستقبال لمن قتل أهلهم وذويهم. لا شك أننا نسيء لديننا قبل هويتنا ونسيء لعاداتنا وأخلاقنا وعواطفنا نحو الآخر بشيء من الكره والبغض. لاشك أن هناك فوارق كثيرة بين سلوكنا المتناقض وبين حضارة الغرب الممتزجة بالإنسانية والنظرة إلينا كشعوب بدائية لا تفرق حتى بين الحق والباطل سوى الكسب المادي ولو كان على حساب أرواح الآخرين. نحن ندعي الإنسانية لأنفسنا في حين نجردها عن الآخر. فليتنا نتذكر أن ديننا الإسلامي انتشر عن طريق التجار في العالم آنذاك وعن طريق احترامهم لدينهم ومبادئهم وأنفسهم وتعاملهم مع الآخر فكانوا لا يتجملون بالدين ولا يساومون على مبدأ ولم تمتزج لديهم العواطف بالانفعالات. فاحترامهم لدينهم أدى إلى احترامهم لمبادئهم وتمسكهم بعقيدتهم . وها نحن نفقد اليوم ثقتنا بأنفسنا أولاً قبل الآخر. ويفقد الآخر احترامه لنا كشعوب إسلامية وعربية. وبالتالي أصبحت مواثيقنا وعهودنا حتى مع أنفسنا متناقضة مما يجعلنا ننظر إلى الكأس دائماً ليس بأنها ناقصة ولكنها فارغة من كل محتوى لما يكتنفنا من تشدد وانقسام وتناقض في مواقفنا وحتى قراراتنا. فما يحدث اليوم في اليمن وفي العراق وفي أفغانستان وفي فلسطين ونواكشوط (موريتانيا) قوّى شوكة الإرهاب ودعم انتشار مراكزه في عالمنا الإسلامي فاصبح منّا أساتذة يتخرجون من جامعاتهم بدرجة عالية من الكره والحقد والغبن لدول العالم وخاصة الدول الأوربية والأمريكية. فليتنا نعود لمبادئ ديننا السمحة ونعرف أن أجدادنا وضعوا أسساً سليمة للتعامل مع الآخر وفي مقدمتهم سيد الأنام محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.