سارة تلك المرأة التي كانت حياتها مدرسة للصبر والتفاؤل معا .. سارة ذات الهمة العالية التي تصغر أمامها همم الرجال. فقد نشأت سارة يتيمة الأم حيث فقدت والدتها في سن مبكرة مما منحها القدر على تحمل المسئولية واكسبها العديد من صفات الأم, وفي شبابها ضربت أروع أمثلة التضحية لأبنائها الثلاثة فحرمت نفسها من الزواج بعد وفاة والدهم خوفا عليهم وحبا لهم, وفي خضم صعوبات الحياة فقد سلكت نهجا مختلفا عما يتوقعه العقل فقد ملئت حياتها أملا وتفاؤلا وعطاء فهي حب الكبار وحضن الصغار ومكرمة الضيف وواصلة الرحم ومساعدة الضعيف والمحسنة للجار, فهي قلب معطاء يتدفق دون انقطاع فموارده لا تنضب. إلا أن ربها أحبها- نحسبها كذلك والله حسيبها- فابتلاها في آخر عشر سنوات من عمرها بمرض افقدها القدرة على الكلام والحركة, ومع هذا كله فروحها تشع حبا وحنانا مما جعل الجميع يلتف حولها. وبعد مرضها ترسم سارة وشقيقتها نورة أجمل لوحات الأخوة الحقيقية, فبين الشقيقتين موعد أسبوعي بل عهد أخوة لا تنقضه ظروف الحياة الطارئة..وقد يتسأل العقل ماذا عساه يدور بين الشقيقتين في هذا اللقاء الأسبوعي؟ وكيف تدار أحداث الجلسة؟ وبأي لغة تتفاهمان بالرغم من انعدام اللغة المشتركة؟ وتزداد عجبا عندما تعلم أن نورة تحدث شقيقتها بما تحب وتعرف ما تريد وتعيشان معا ذكريات الماضي وتخبرها بأحداث المستقبل لتدخل السرور إلى قلب أختها, ليرتسم على شفتي سارة ابتسامة تحيي الأمل من جديد وفي موعد الزيارة الأسبوعي رحلت سارة وودعتها نورة, لكن أحداثه اختلفت عن كل يوم فقد ودعتها بالتقبيل والدموع والدعاء والصلاة عليها ودعت روحها وجسدها,لتعلن نورة عن آخر أيام المعاهدة الأسبوعية رحمك الله يا سارة وأسكنك فسيح جناته, و أجزل لنورة الأجر والثواب وجمعكما في جنة الفردوس لكن سارة ونورة تركتا رسالة لكل الأخوة الذين افتقدوا لغة التفاهم بالرغم من تشابه اللغات, بأن هناك لغة تفاهم تعجز قواميس الكون عن ترجمتها إنها لغة الأخوة .. لغة الرحم .. لغة الحب.