تقبع العديد من منظمات المجتمع تحت سيطرة الروتين الذي يمنح العديد من الإدارات الراحة والثقة والمحافظة على هيبة المدير؛ نظرا لفهم اللوائح وآليات العمل والتمكن منها حتى وإن كانت تهدر الكثير من الوقت والجهد وذات جودة منخفضة, ومن خلال هذه الممارسات برزت مشكلة قلة الجودة وقتل روح المنافسة بين المنظمات, فعملية التغيير لدى البعض من المدراء تشكل كابوسا مخيفا وتتطلب الشجاعة وحب المغامرة والقدرة الكافية على دراسة عمليات التغيير. ومن هنا ندرك أهمية الاتجاهات الإدارية ومعرفتها والتمكن منها لدى العديد من الإداريين. فهناك العديد من النماذج أو الطرق والآليات الروتينية الموروثة التي يقع الإداريين والعاملين أسرى لها؛ نتيجة تفكير الفرد الدائم داخل أطر ضيقة لا يستطيع الخروج منها (داخل الصندوق), بينما يمكن تأدية هذه الأعمال وتنفيذ الآليات بطرق مختلفة واستثمار الوقت والجهد من خلال التخلص من قيود التكرارية والرتابة والنظر إلى الأمور المحيطة بنظرة شمولية (خارج الصندوق)؛ لذا لابد من المراجعة الدورية وضرورة التفكير فيما نقوم به من أعمال مما يساعد على تفجير الطاقات الإبداعية الكامنة للأفراد. وقد اكتشف مايكل هامر وجيمس شامبي أسلوب جديد في الإدارة يسمى الهندرة, وهي كلمة عربية مشتقة من دمج كلمتي (هندسة) و (إدارة), ويعرّف بأنه إعادة التفكير المبدئي والأساسي وإعادة تصميم العمليات الإدارية بصفة جذرية، بهدف تحقيق تحسينات جوهرية فائقة في معايير الأداء الحاسمة، مثل التكلفة ، والجودة ، والخدمة والسرعة. ومن هنا فالمنظمات لا تعد الهندرة الإدارية مجرد تغييرات سطحية أو تجميلات ظاهرية للوضع القائم, إنما هي إعادة التفكير في الأساسيات وإعادة التصميم الجذري وتحقيق تحسينات متميزة والثورة على القديم والتوجه نحو دراسة العمليات وليس الجزئيات الفرعية و كسر القواعد وتحطيم التقاليد الموروثة والاستخدام الإبتكاري لتكنولوجيا المعلومات؛ لذا تحتاجها المنظمات ذات الوضع المتدهور أو التي لم تصل إلى التدهور ولكن تتوقع لإدارتها بلوغ ذلك الوضع في المستقبل. ومن بعض ثمرات الهندرة معالجة المعلومات في موقع مستخدميها وجعل المواطنين والعملاء جزء من نظام المعلومات الالكتروني والخدمة الذاتية والاحتفاظ بالموظفين الأعلى كفاءة والاستغناء قدر الإمكان عن العمل الورقي وعن المكاتب والاستغناء عن القيود الرقابية . كما تحتاج إلى الهندرة المنظمات التي بلغت قمة التطور والنجاح و لا تواجه صعوبات ملموسة ولا تلوح في آفاقها المستقبلية نذر التدهور, وقد يتساءل البعض لماذا تلجأ هذه المنظمات إلى الهندرة؟ وذلك لتحقيق المزيد من التفوق على المنافسين؛ فإدارتها تتميز بالطموح . اخوتي القادة ما أحوجنا إلى دراسة هذا الاتجاه الذي يسمح للمؤسسات والمنظمات إعادة هندسة نظم أعمالها بطريقة علمية مدروسة مما يتيح لها المزيد من النجاح والتميز.