كل عمل شريف هو محل الاحترام والتقدير وعلى كل من يتعامل مع هذا الملف أن يتصور أولاً أن الفتاة العاملة هي أم أو أخت أو زوجة ويطلب لها ما يطلب لهن فكلهن سواء ولا يقول إن ظروفي مختلفة بل كلنا سواء خاصة في هذه المرحلة حدث لافت للنظر فيما يخص العمل وسوق العمل والبطالة تعلق بتقدم أكثر من مئة ألف شاب لسبعمئة وظيفة في الدفاع المدني ولقد كان هذا الحدث مشابهاً لعدد آخر من إعلانات الوظائف التي يتقدم لها أكثر من مئة ألف شاب كما حدث مع ديوان المظالم مؤخراً وهي بلا شك ظاهرة غريبة تم تناولها بالعديد من التحليل والنقد والتعليق ولكن هناك سؤال هام لم يطرح كم من هؤلاء فعلاً على وظيفة مدنية أو أهلية في القطاع الخاص؟ لقد ترسخ لي بسبب العديد من التجارب الحقيقية بحكم قربي من سوق العمل لجهة التدريب والتوظيف أن هناك أسبابا اجتماعية وعائلية ترسخ ثقافة العمل في المجال العسكري كأولوية لدى أبناء شريحة كبيرة من شباب الوطن يليها العمل في المجال الحكومي وأن العمل في القطاع الخاص مهما كان مناخه وظروفه ومميزاته يظل محطة مؤقتة مهما طال بها الزمن، وقد يوضح ويفسر هذا إعلانات التهنئة ليس فقط بالمناصب العليا والوزارية بل حتى بالتعيين على وظائف المراتب المتوسطة، ولذلك فإنني أنظر إلى الموظفين في القطاع الخاص على أنهم مشروع هروب وخروج من سوق العمل الخاص إلى العمل الحكومي غير عابئين في معظم الحالات بالأثر السلبي على الأعمال والوظائف التي يعملون فيها لأن الهدف الأساسي لهم ولعائلاتهم يتحقق بالالتحاق في العمل في القطاع الحكومي سواء كان مدنياً أو عسكرياً دون النظر إلى الأبعاد الاقتصادية للوظيفة والتوظيف. وحدث آخر ملف للنظر فيما يخص العمل وسوق العمل والبطالة تعلق بردود الأفعال الواسعة حيال عمل المرأة أمينة صندوق (كاشير)، وهنا يبدو أنه يجب أن أبدأ بالقول إن كل عمل شريف هو محل الاحترام والتقدير وعلى كل من يتعامل مع هذا الملف أن يتصور أولاً أن الفتاة العاملة هي أم أو أخت أو زوجة ويطلب لها ما يطلب لهن فكلهن سواء ولا يقول إن ظروفي مختلفة بل كلنا سواء خاصة في هذه المرحلة، وإذا كان أحد أسباب عمل المرأة هو العنصر الاقتصادي فلا نشجع أبداً توجه بنات الوطن للعمل في وظائف ذات مردود مادي ضعيف لا يغطي أبداً مصاريف خروجها للعمل، فهي تحتاج إلى (2000) ريال شهرياً من لبس ومواصلات واحتياجات أساسية مثلا لعاملة للمنزل للعناية به إذ تركته 10-12 ساعة يومياً بين ساعات عمل وأخرى للراحة والباقي للمواصلات غير الآمنة ولعل جميعنا يسمع ويقرأ عن حوادث الطرقات أو الابتزاز أو الاستغلال وما يحدث من مضايقات وسجلات الأمن مليئة بالملفات والأحداث. وعلينا أن نطالب ونشجع وندعم توجه بنات الوطن للعمل في وظائف في القطاعين الصحي والتعليم بالإضافة إلى العمل الحر في العديد من المجالات المهنية، لماذا لا ندعم عمل بنات الوطن في التمريض ومختلف التخصصات الطبية بالإضافة إلى الوظائف الإدارية حيث تتراوح الرواتب بين 5 إلى 12 ألف ريال مع توفر المناخ الآمن لبناتنا مع المتطلبات القانونية لأرباب العمل لتوفيرها للعاملات من النساء مثل المنصوص عليها في نظام العمل في الباب الخاص بتشغيل النساء. (المواد من 149 إلى 159) وهذا القطاع يمكن أن يوظف ما لا يقل عن 400 ألف من بنات الوطن، لماذا لا ندعم ونطور قطاع التعليم والتدريب ليوظف شريحة أخرى من البنات تتراوح رواتبهن من 4-8 آلاف ريال توفر البيئة المناسبة واللائقة لعملهن وهي يمكن أن تجذب ما لا يقل عن 200 ألف وظيفة؟! كما أن هناك الحاصلات على شهادات القانون والهندسة والمحاسبة واللغات الأجنبية، لماذا لا يتم الترخيص لهن لعمل الاستشارات المهنية المتخصصة؟ إننا إن فعلنا نخلق وندعم الطبقة المتوسطة ونخلق وظائف جديدة يمكن أن تستوعب 500 ألف من بنات الوطن ما بين صاحبة عمل وموظفات تتراوح رواتبهن بين 4-15 ألف ريال بحسب التخصصات والكفاءات والمهن بل سوف تساعد في سد العجز المهني الخطير الذي يعاني منه المجتمع السعودي الذي يحتاج إلى 20 ألف محاسب قانوني، وقد كان من آخر المقترحات من غرفة جدة هو منح الحاصلين على بكالوريوس الاقتصاد رخصة محاسبة بالتعاون مع الهيئة السعودية للمحاسبين وهذا دليل على حجم الفجوة بين المتوفر والاحتياج الحقيقي، فلماذا لا يتم الترخيص لبنات الوطن لخلق مجالات عمل وفرص وطيفية جديدة يمكن أن تستوعب2000 حقوقية و500 مترجمة و10 آلاف مهندسة و5 آلاف محاسبة وكل واحدة منها تعني 4 وظائف نسائية أخرى على أقل تقدير، بل يكفي أن يسمح بتوظيفهن في الشركات والمؤسسات السعودية بمتوسط راتب 5-10 آلاف ريال سعودي مع كامل مميزات العمل المهني أو العمل في القطاع الخاص. أليس هذا أفضل من العمل واقفة على قدميها 8 ساعات يومياً مقابل 1500 ريال، خاصة أننا نشهد ونعيش في ظل أكبر ميزانيات عرفتها الدولة في تاريخها.