ترددت كثيرا قبل كتابة هذه الأسطر ، فقد كنت أطن أن حالتي النفسية التي مررت بها ، أو ردة الفعل حينها كان لها تأثير سلبي في الحكم على الأمر ؛ ولكن هذا الظن تلاشى وصار حقيقة أكيدة بعد استمراره فترة طويلة . حيث يرقد في مستشفى الملك خالد بالسيح وفي " العناية المركزة " بالمستشفى تحديدا قريب لي منذ أكثر من ثلاث أسابيع . أدخل (العناية) في حالة حرجة ، وكنت أزوره صباح مساء . وكم كنت أسر عندما أرى نعمة الله علينا ، فتلك المباني الشاهقة ، والتجهيزات العظيمة لهذا الصرح ، وخاصة ما حظيت به غرفة " العناية المركزة" من أجهزة حديثة متطورة ، ومكان يتسع لعشرة مرضى تقريبا ، وتلك الممرضات اللاتي يتنقلن هنا وهناك . كم كنت أحمد الله أن سخّر لنا هذه النعمة العظيمة . لكنك تتفاجأ عندما تلاحظ بعض الملاحظات المتكررة ،والتي يمكن تجنبها ؛ إذا ما حرصنا وتعاونا ، وتقبّل بعضنا الآخر : - فالعاملين بقسم " العناية المركزة " ينقصهم روح الطبيب والممرض الذي يحمل رسالة الطب العظيمة ، فهو متأكد ألا أحد يستطيع إيذاءه إذا ما قصّر عن عمله ، أو أداء واجبه . فلو كان للمقصّرين جزاء وخصومات ، في ظل تواجد دائم للإدارة المشرفة على العمل لما كان مثل ذلك . - وهناك تقصير في احترام عورات المسلمين . فكم مرة أدخل " العناية المركزة " وأجد أمرأة متكشفة ، وهي في آخر أيام حياتها والأعمار بيد الله حياتها التي قضتها في ستر وحياء ، ومحافظة على الحجاب . حتى إذا ماتت ستغسل ، وتنزل قبرها دون أن يراها أحد ، وهي في " العناية المركزة " متكشفة . لماذا؟ لأنه لا رقيب ولا حسيب . وإذا أخبرت الممرضة ، أغلقت الستار بكل استهتار . وعند سؤال مدير مكتب التوعية الدينية بالمستشفى الأستاذ صالح الوابل ، أخبر " أنهم دائما يحرصون على وضع الستار ، وتغطية النساء" لكن طبعا إلى هنا تنتهي صلاحية مكتب التوعية . ولو علمت الممرضة المقصرة أن مدير المستشفى الدكتور عايض القرني ، أو المدير التنفيذي الأستاذ سعد الدريهم ، أو المدير المشارك الأستاذ محمد بن حجاب القحطاني ، أو المدير الفني الأستاذ عبدالله اليحيا سوف يغضب ، أو يأمر بمحاسبة وخصم يوما واحد ، لما كان هذا الاستهتار بعورات المسلمين . - وأيضا تصميم غرفة " العناية المركزة " بهذا الشكل وإن كان مريحا لطاقم الأطباء والتمريض بحيث تصبح جميع الحالات أمام متابعتهم ؛ لكن تلك الأعداد الهائلة التي تدخل القسم وقت الزيارة ، دون أدنى وعي أو ثقافة من الزوار ، ولا متابعة من المستشفى ، عدا رجل أمن عند الباب الخارجي ، ودون أي لوحة إرشادية أو توعوية ، أو صور موضحة للتعليمات . فبوجود (10) عشرة أسرة ، ويسمح بدخول اثنين على الأكثر للحالة الواحدة ، فهذا يعني دخول (20) عشرين شخص بالإضافة للممرضين بين تلك الأجهزة الحساسة والهامة ، والأسلاك والأنابيب المتناثرة ، مع عدم العلم لدى بعض الزوار كما ذكرت فقد يتسبب بإيذاء المريض أو تعطيل أحد الأجهزة . فلو كانت الغرفة كسابق عهدها ، خلف زجاج ، يستطيع الزائر أن يلاحظ مريضه ويطمئن عليه ، فأغلبهم بحال لا يمكن للزيارة ، أو لا يعلم من يزوره . لو كان كذلك لما احتجنا أن نقصّر وقت الزيارة ، ولما عانينا هذه المعاناة . - كما لا يفوتني أن أشير إلى مستوى النظافة الذي يلاحظه أي زائر للقسم ، فالسلال الممتلئة بالقطن والشاش المتسخ ، والحالات التي تجلس باليوم واليومين دون تعيير ، والرائحة الكريهة من الحالات ، وتلك الملاءات الصفراء . وعندما تطلب من الممرضين بإلحاح عندها يقومون بالتغيير . لكن بعد ماذا . لا أود الإطالة ، وليس لدي أدنى حساب أصفيه مع أحد ؛ لكنها والله الغيرة ، فنحن في محافظة يشار لها بالبنان ، وتحت قيادة وتوجيه سيدي صاحب السمو الملكي الأمير عبد الرحمن بن ناصر محافظ الخرج ، والذي نعرف اهتمامه بالصحة في المحافظة ، ونعرف ما يبذله لرفع مستوى دور الصحة والرعاية الأولية ، وكذلك جهوده في مشروع " مستشفى الأطفال والولادة " الذي لولا الله ثم سموه ما كان ليرى النور على أرض الواقع . ومع هذا كله نرى هذا التقصير الذي لا يرضاه سموه . أذكّر أخواني الأطباء ، والمسؤلين عن المستشفى أنهم مسؤلون أمام الجبار سبحانه (وقفوهم إنهم مسئولون) و (كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته) فأين رسالة الطب العظيمة . كلنا نخطأ ، فما منا معصوم ؛ لكن التقي الورع هو من يرجع ويصحح خطأه ، نأمل أن نرى المستشفى أفضل وأروع . سعود بن عبدالله الضحوك