استقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الأربعاء، بالقاهرة رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، في اجتماع حضره وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ووصفه مراقبون بأنه تحول كبير في انخراط مصر في الملف الليبي. ليبيا المستقبل (عن العرب اللندنية): بدأت تلوح في الأفق بوادر جدية لبلورة خارطة طريق جديدة لتحريك الملف الليبي، عكس جزء من ملامحها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب (البرلمان) الليبي المُعترف به دوليا، والذي يتخذ من طبرق بشرق ليبيا مقرا له، بتحديده ثلاث خطوات عملية للخروج من حالة الانسداد السياسي في بلاده. ويأتي هذا التطور الذي ترافق مع تحركات سياسية إقليمية، في الوقت الذي ألقت فيه مصر بثقلها السياسي لدفع الفرقاء الليبيين إلى التوافق بما يُسهل الوصول إلى تسوية للمأزق الراهن الذي تجاوزت خطورته الجغرافيا الليبية لتشمل دول الجوار. واستقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأربعاء، بالقاهرة رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، في اجتماع حضره وزير الخارجية المصري، سامح شكري، وصفه مراقبون بأنه تحول كبير في انخراط مصر في الملف الليبي، منذ استدراة هذا الملف نحو القاهرة التي باتت تمسك بالعديد من خيوطه الرئيسية. وبدا هذا التحول لافتا من خلال الاتصالات التي تكثفت خلال الأسبوع الماضي بين العديد من الفاعلين السياسيين الليبيين وكبار المسؤولين المصريين، وخاصة منهم رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق محمود حجازي، المعني مباشرة بملف العلاقات المصرية-الليبية. وقال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي أكد من جديد دعم مصر الكامل لسيادة ليبيا والحفاظ على وحدة الأراضي الليبية، وحماية مقدرات الشعب الليبي الشقيق. وتابع أن الرئيس السيسي أكد أيضا أن مصر "تولي أهمية كبيرة لعودة الاستقرار إلى ليبيا من خلال دعم بناء المؤسسات الوطنية بالدولة وتعزيز تماسكها"، مشددا في هذا السياق على أن الليبيين فقط هم من يملكون حق تقرير مصيرهم. وأعرب في المقابل عن ثقته في قدرة الشعب الليبي على التغلب على التحدي الكبير الذي يواجهه، والمتمثل في إعادة بناء دولة حديثة قوية تتمكن من إرساء دعائم الأمن والاستقرار في كافة أنحاء ليبيا. وأشار في هذا السياق إلى المسؤولية التاريخية التي تقع على عاتق البرلمان الليبي وعلى عقيلة صالح، للتوصل إلى توافق يشمل مختلف الأطياف السياسية الليبية، وإعلاء المصلحة الوطنية الليبية فوق أي مصالح ضيقة، والحفاظ على وحدة التراب الوطني الليبي. وبحسب السفير علاء يوسف، فإن رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، "عرض على الرئيس عبدالفتاح السيسي آخر التطورات السياسية في ليبيا والجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية". كما أعرب عن تقديره للدور الذي تقوم به مصر وقيادتها لتعزيز الاستقرار والسلام في ليبيا، لافتا في هذا الصدد إلى استضافة القاهرة للأطراف السياسية الليبية المختلفة وتوافقها على إصدار "بيان القاهرة" الذي شمل العديد من النقاط التوافقية، وخاصة منها التأكيد على وحدة التراب الليبي، والحفاظ على مؤسسات الدولة، ورفض وإدانة كافة أشكال التدخل الأجنبي في ليبيا. وأكد رئيس مجلس النواب الليبي في هذا الإطار أن البرلمان الليبي سيقوم بمناقشة الشواغل التي تطرق إليها بيان القاهرة بهدف تسويتها في إطار المصلحة الوطنية الليبية العليا. وقبل ذلك، حدد رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، ثلاث خطوات عملية للإسراع في الخروج من حالة الانسداد السياسي الحالية بليبيا، أولاها "الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس النواب الليبي تتم خلالها مناقشة الشواغل والنقاط محل الخلاف بالاتفاق السياسي المشار إليه ببيان القاهرة الصادر يوم 13 ديسمبر 2016، والعمل على تسويتها في إطار المصلحة الوطنية العليا، دون إقصاء أو تهميش وبما يضمن الحفاظ على وحدة التراب الليبي وحرمة الدم". وتؤكد الخطوة الثانية "تعزيز وإعلاء جهود المصالحة الوطنية الشاملة وصولا إلى حل توافقي ليبي- ليبي، بعيدا عن التدخلات الخارجية بما يضمن الحفاظ على المؤسسات الليبية الشرعية، وفي مقدمتها مجلس النواب والجيش الليبي". أما الخطوة الثالثة، فهي تتعلق بدعم التحركات المصرية الرامية إلى تقريب وجهات النظر بين الليبيين، بما يساهم في إعادة بناء هيكل الدولة الليبية، مع دعوة المجتمع الدولي إلى احترام رغبات الشعب الليبي". وجاء الإعلان عن هذه الخطوات الثلاث في أعقاب محادثات أجراها عقيلة صالح مع رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق محمود حجازي، المعني بملف العلاقات المصرية الليبية، بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري. وتمت خلال تلك المحادثات مناقشة الأوضاع الراهنة وتطورات الشأن الليبي والجهود المبذولة من الجانبين للتوصل إلى تسوية توافقية، تستند إلى الاتفاق السياسي كإطار عام للحل السياسي في ليبيا، وتنطلق من المخرجات التوافقية التي أسفرت عنها اجتماعات القاهرة مع الشخصيات الليبية المهتمة بالشأن العام الليبي خلال ديسمبر الجاري. ولا يستبعد مراقبون أن تسفر هذه التحركات والاتصالات السياسية بين الفرقاء الليبيين، والمسؤولين المصريين، وكذلك الحراك الدبلوماسي الذي تقوم به الجزائر، عن "خارطة طريق" للخروج من المأزق السياسي الراهن الناتج عن انتهاء مدة العمل باتفاقية الصخيرات التي انبثقت عنها حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج. وتواترت خلال الأيام القليلة الماضية، أنباء عن توافق العديد من السياسيين الليبيين على الخطوط العريضة لخارطة الطريق المذكورة، وخاصة منها المسائل الخلافية والمثيرة للجدل مثل إعادة هيكلة المجلس الرئاسي، ومجلس الحوار الوطني، وإعادة النظر في مهام القائد العام للقوات المسلحة.