- أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أهمية الحفاظ على وحدة الدولة الليبية وسيادتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية واحترام إرادة الشعب الليبي. وقال أمام الاجتماع الوزاري الرابع لدول الجوار الليبي في القاهرة أمس، إن هناك «أطرافا تأبى أن يستكمل الشعب الليبي ثورته في اتجاه إقامة نظام سياسي مستقر، وهو ما تبدى في مواصلة اتخاذ تلك الأطراف مواقف سلبية تمثل آخرها في تصعيد وتيرة أعمال العنف داخل العاصمة الليبية ومدينة بنغازي في سبيل الحصول على مكاسب سياسية». وشارك في الاجتماع وزراء الخارجية الليبي محمد عبدالعزيز والتونسي منجي الحامدي والجزائري رمضان لعمامرة والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ومبعوثها إلى ليبيا ناصر القدوة ومبعوث الاتحاد الإفريقي داليتا محمد داليتا. واستبق شكري الاجتماع بلقاءات مع نظيره الليبي وأمين عام الجامعة للتشاور حول «سبل دعم الشرعية في ليبيا ومؤسسات الدولة بما يحقق تطلعات الشعب الليبي خصوصاً من خلال تشكيل حكومة ليبية» في أسرع وقت. في الوقت ذاته، نفت مصر «مزاعم وادعاءات كاذبة يروجها البعض عن أسر جنود وطيارين مصريين في ليبيا»، وجددت نفيها قيام طائرات مصرية بقصف مواقع داخل ليبيا. ودان بيان للخارجية المصرية «محاولات بعض الجهات الزج بمصر في الشأن الداخلي الليبي»، واتهمت تلك الجهات ب «مناهضة مصالح الشعب الليبي وعدم احترام مؤسساته الشرعية». وشدد البيان على موقف مصر «الثابت والداعم لتطلعات الشعب الليبي الشقيق ورفض أي تدخلات خارجية في شؤونه الداخلية، وضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية وسلامتها». وقال شكري أمام الاجتماع إنه «لا يخفى على الجميع ما تشهده الساحة الليبية من تدهور على الصعيدين الأمني والإنساني جراء استمرار الاشتباكات الحالية، وما تثيره تلك الاشتباكات من مخاوف وقلق داخلي وإقليمي ودولي إزاء ما يُمكن أن ينتج منها من خسائر في أرواح المدنيين وأضرار مادية في منشآت حيوية، مثل مطار طرابلس الدولي، ومواقع تخزين المحروقات اللازمة للحياة اليومية، وهي المرافق التي تخدم المواطن الليبي الذي يسعى للانطلاق نحو تحقيق رفاهيته والعيش في إطار دولة حديثة مستقرة تحقيقاً لتطلعاته المشروعة». وأشار إلى أن هناك آثاراً لتطورات الوضع الليبي على أمن دول الجوار المباشر، تتمثل في «تواجد وحركة عناصر تنظيمات متطرفة وإرهابية، لا تقتصر نشاطاتها على العمليات الإرهابية داخل الأراضي الليبية، وإنما تمتد إلى دول الجوار بما في ذلك عبر تجارة وتهريب السلاح والأفراد والممنوعات واختراق الحدود، على نحو يمس سيادة دول الجوار بما قد يصل إلى تهديد استقرارها، ويُمكن أن يمتد لتكون له آثاره على مصالح دول خارج المنطقة، ما قد يدفع باتجاه أنواع من التدخلات في الشأن الليبي يتعين العمل على تفاديها». وأشار شكري إلى أن الوضع الحالي يفرض على الجميع العمل لوقف فوري لإطلاق النار، مشيراً إلى أهمية أن يتبع ذلك وربما يبدأ معه، إطلاق حوار وطني شامل يضم الأطراف كافة التي تنبذ العنف وترضى بوضع السلاح جانباً، للتوافق على إنهاء المرحلة المضطربة الحالية، والمضي في بناء مؤسسات الدولة وتحقيق التنمية التي يتوق إليها الليبيون. وطالب شكري بإيجاد الوسائل والأساليب العملية لمساعدة الحكومة الليبية على مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وضبط الحدود. وجدد الدعوة الى إنشاء صندوق دولي للمساعدة في تمويل عملية جمع السلاح. إلى ذلك أكد القدوة ل «الحياة» أن المؤتمر شدد على ضرورة وقف العنف وسفك الدماء وتحقيق توافق سياسي بين الأطراف والقوى الليبية والبدء في حوار سياسي وطني قائم على حق الجميع في المشاركة في بناء ليبيا الجديدة. وأوضح أن المؤتمر أسس لتوافق إقليمي حول دعم البرلمان الليبي باعتباره المؤسسة الشرعية المنوط بها الحفاظ على ليبيا وإدارتها والعمل على تأسيس حكومة جامعة توافقية. ولفت إلى أنه لا حل للأزمة الليبية من دون توافق دولي وليس عربياً فقط، محذراً في الوقت نفسه من التدخل الأجنبي أو العربي في ليبيا معتبراً أن «هذه الخطوة بمعناها الدقيق، نهاية الدولة الليبية». شبح تقسيم وأكد القدوة أن التدخل العسكري قد يكون مطلوباً فقط في حالات المساهمة في بناء الدولة الليبية والجيش والشرطة وبشكل محدود وكجزء من منظومة حل سياسي تتوافق عليه الأطراف الوطنية والإقليمية والدولية. وأشار إلى أن التطرف في ليبيا لن ينتهي إلا ببناء مؤسسات قوية قادرة على إدارة الدولة وعودة احتكار السلاح مرة أخرى من قبل الدولة وجمعه من قبل الميليشيات المسلحة والكتائب، مشيراً إلى أن الغالبية العظمى من الشعب الليبي تنبذ العنف. وحذر من أن ليبيا تعاني شبح التقسيم. ولدى سؤاله عن إمكانية دمج ما يطلق عليهم «أزلام» العقيد معمر القذافي في العملية السياسية المرجوة، أجاب القدوة: «نحن نأمل في حوار وطني شامل تشارك فيه كل الأطراف ما عدا الجماعات الإرهابية ومن ارتكب جرائم بحق الشعب الليبي خلال نظام القذافي». وحول اتهام قوات فجر ليبيا لكل من مصر والإمارات بقصف أهداف داخل الأراضي الليبية، قال القدوة: «هذه تهم جزافية وأرى أن الغارات التي تحدّث عنها هؤلاء قامت بها أطراف غير عربية وجاءت من ناحية البحر المتوسط». وحول تصنيف البرلمان الليبي لجماعتي «أنصار الشريعة» و «فجر ليبيا» كجماعتين إرهابيتين، قال إن القرار في ما يتعلق بالأولى سليم، أما بخصوص فجر ليبيا، فلم يكن دقيقاً وسيجلب إشكالات كبرى، ذلك أن التصنيف لابد أن يستند إلى معايير قانونية واضحة. وأشار القدوة إلى أن هناك أطرافاً عربية لعبت دوراً سلبياً في تأزيم الموقف في ليبيا منذ اندلاع الثورة من خلال دعم كتائب مسلحة بالمال والسلاح.