كانت ولازالت مطامع إيران كبيرة جدا في احتلال البلاد العربية الواحدة تلو الأخرى وبطرق شتى وتبذل في سبيل تحقيق ذلك الغالي والنفيس وقد استطاعت حتى الآن تحقيق مكاسب في مناطق متفرقة في العالم العربي وأيضا أوجدت لها موطئ قدم في بقاع كثيرة من أرضنا العربية ولازالت أحلام الإمبراطورية الفارسية تسيطر على عقول أصحاب القرار في إيران والحلم بإعادة مجد تلك الإمبراطورية التي انتهت بفضل العرب واليوم إعادة تلك الأمجاد يجب أن يمر أيضا عبر بوابة العرب أطماع إيران بالتهام العراق ولمعرفتها المسبقة إن إعادة الإمبراطورية الفارسية أصبح مستحيلا فعبادة النار لم يعد لها مؤمنون في هذه المنطقة ولكون الإمبراطورية الفارسية كانت ولازالت تؤمن إن وجودها يعتمد على التأثير الديني ولزوال تأثير عبادة النار فإنهم استطاعوا أن يرتدوا عباءة الدين الجديد وان يكونوا اشد الناس إيمانا بهذا الدين أو أي دين يخدم مصالحهم ولو كان الإسلام ولكنهم اوجدوا له نكهة خاصة لذلك عمدوا إلى استخدام المذهب كبديل لدينهم السابق والذي من خلاله يستطيعون ترويج أنفسهم كأنهم الحامي الأول والأكبر لهذا المذهب وبدونهم لن ( 1 – 10 ) يكون للمذهب عزة ولا شأن ومع الأسف فقد استطاعت أن تكسب عطف وود عدد كبير ممن غرر بهم بهذه الشعارات التي من خلالها تريد إذلال العباد وليس كما تدعي في الحفاظ على المذهب التوغل في العراق وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق نشطت إيران بشكل كبير وغير مسبوق بالعراق وأصبحت مسلحين يقتلون طائفيا ليل نهار تخطو خطوات متسارعة حتى تخطت الاحتلال الأمريكي من حيث النفوذ والسطوة واتخاذ القرار وبذلك قد تكون البلد الوحيد بالعالم الذي يحتل بلدا آخر من دون أن ترسل جنديا واحدا فهي احتلت العراق بجنود أعدائها وهذه مفارقة عجيبة في زمن العجائب وأصبحت إيران صاحبة القرار في اغلب القرارات الإستراتيجية والتي من المفترض أن يتخذها العراقيون بأنفسهم والآن نرى إن المسئولين عندما يريدون أن يحظوا بفرصة أو مكسب قيادي أو طموح فيجب عليهم أن يقدموا فروض الطاعة والولاء لحكام ايران التي تستطيع بإشارة منها أن تجعل هذا الشخص أو تلك الجهة مهمة وصاحبة سيادة حتى لو كان أو كانت لاتساوي شيئا إطلاقا والنماذج لدينا كثيرة إذ إن بعض مسئولي الدولة وبموقع وزير تجده لايحمل الشهادة ( 2 – 10 ) الابتدائية وكذلك وضع أناس على مواقع مهمة جدا كالتربية والنفط والتجارة وغيرها وهم لايفقهون من عملهم شيء لكنهم كانوا ولازالوا مطيعين طاعة عمياء لأسيادهم في طهران واستطاعت إيران أن تفرض نفسها كأمر واقع في العراق حتى أنها تحدت قوات الاحتلال الأمريكي مرات ومرات وأحرجتهم في كثير من الأمور ويوما بعد يوم يتضح أن دور إيران تخطى الدور الأمريكي ودور الأممالمتحدة بشكل كبير جدا وسط دهشة وغفلة من المجتمع الدولي ولكن أيضا كان هناك من يعارض هذا التدخل ويحاربه أحيانا وقد أدركت إيران إن هناك من سيقف في طريق مشروعها الكبير فعمدت إلى خطة بدأتها منذ أول يوم للاحتلال وفي سبيل تحقيق ذلك كان يجب عليها التخلص من منافسيها وكان لها ذلك من خلال دفعها لعملاء لها قاموا بالمهمة على أكمل وجه وشاهدنا قتل الطياريين والأطباء وأصحاب الشهادات والمعارضين للمشروع الإيراني ومن استطاع تامين حياته فانه لم يستطع تامين استقراره فكان لابد له من مغادرة بلده وإلا فانه سيكون عرضة لملاحقة عملاء إيران وإكمال المهمة السيطرة على جنوب العراق وفي الجنوب العراقي وتحديدا البصرة جرى السيناريو حسب ماخطط له ولكنهم تفاجئوا بوجود عقبة لم تكن بحسبانهم وهي وجود عدد كبير من أهل المحافظة ينتمون إلى مذهب آخر غير الذي يروجون له كذبا وبهتانا وقد كان في مخيلتهم إن الجنوب العراقي أمره محسوم لهم بشكل سريع وسهل كون اغلب أبناءه هم من الشيعة ولكنهم تفاجئوا إن حتى الشيعة كانوا أحيانا ضدهم وقد تمت تصفيتهم منذ الأيام الأولى بحجة أنهم عبثيون أو صدامين أو تكفيريون أو وهابيون وهذه التهم الأربعة كانت تصلح لكل زمان ومكان ( 3 – 10 ) قتل السنة في البصرة وبدأت حملة أخرى لتصفية أصحاب المذهب السني في البصرة وفعلا تمت اكبر عملية تطهير عرقي في العصر الحديث فكل يوم كانت هناك جثثا ملقاة بالشارع ولا ذنب لهم إلا إنهم يدينون لذلك المذهب وكان الأخبار المتتالية عن قتل إمام المسجد الفلاني أو المؤذن أو من يجهر بانتمائه لمذهبه السني أمر يومي والخوف والحزن والغضب بدا يسيطر عليهم بشكل كبير ولكنهم وجدوا أنفسهم ولأول مرة بدون ولي ولانصير فسنة البصرة ورغم كل ماحصل لهم فان أحدا لم يحرك ساكنا من اجلهم قتل السنة في البصرة أصبح أمرا معتادا ويوميا تهجير السنة من البصرة واجبر عدد كبير على مغادرة المحافظة أمام صمت الحكومة المركزية التي كانت ترقص فرحا على هذا الانجاز التاريخي فللمرة الأولى يكون أهل السنة في البصرة أقلية بعد أن كانوا هم أهل المدينة أصلا وحتى بعد الهجرات المتواصلة من الناصرية والعمارة فان نسبة السنة لم تقل عن 40 % أما أن يصلوا إلى 10 % فهذا حلم كان من المستحيل تحقيقه ولكن الرغبة الفارسية المتجددة باسم المذهب هي من حققت هذا الانجاز ( 4 – 10 ) وكان للتهجير أيضا فصوله المأساوية ففي الوقت الذي كان يجبر فيه الشخص على ترك بيته وعمله فانه كان يعاني من وسيلة النقل التي تقله إلى حيث من سبقه وغالبا ماكانت الموصل وبيجي والرمادي هي الملاذ الآمن لهم ولكن صعوبة توفير وسيلة النقل جعل الأمر معقدا أكثر وان توفرت الوسيلة فان الأجرة تكون غالية جدا فيضطر الشخص إلى بيع جزء كبير مما يملك فقط من اجل أن ينفذ بجلده ويبدأ فصلا جديدا من الصراع والغربة والحنين إلى مدينته التي تربى وترعرع فيها وهي البصرة والحقيقة التي يجب ذكرها هنا وللتاريخ إن أهالي تلك المناطق التي نزح أبناء البصرة إليها استقبلوهم أحسن استقبال وقدموا لهم كل مايستطيعون من اجل مسح دمعة أعينهم فألف ألف شكر يا أهالي الموصل وألف ألف شكر يا أهالي بيجي وألف ألف شكر يا أهالي الرمادي وألف ألف شكر لكل من قدم المساعدة لأهل البصرة النازحين من سطوة الميليشيات الإيرانية معاملة السنة على أنهم مواطنون درجة ثانية ولكن ورغم كل ماتحقق فانه لم يلبي رغبة ومطامع العدو فرغم إن العدد المتبقي من أهل السنة في البصرة لم يعد كبيرا جدا إلا إنهم ورغم ذلك ظلوا ينظرون إليهم بنظرة الأعداء والحقيقة التي لم يعرفها هؤلاء الغزاة إن من بقي في البصرة ولم يقتل أو يهجر فان الظروف كانت لاتسمح له حتى بالهرب فالإقصاء المتعمد والتهميش الذي أصاب أهل السنة طيلة السنوات الماضية خاصة في البصرة جعلتهم من أفقر طبقات المجتمع وعندما حدثت الفتنة فان أصحاب الأموال استطاعوا أن ينفذوا بجلدهم أما من لايملك حتى أجرة الطريق فانه استسلم للموت ومن لم يصبه الموت فانه استسلم لذلة الحياة حيث ينظر إليه من قبل الحكومة والمسئولين على أنهم مواطنين من الدرجة الثانية بل وربما الثالثة أو الرابعة وأحيانا كثيرة غير مواطنين أصلا إذ كان ينظر للسني في البصرة على انه غير عراقي وغالبا ماكان الهمز واللمز يصل إلى آذانهم واتهامهم بأنهم سعوديون أو كويتيون أو خليجيون بل وأحيانا يتهمون أهل السنة بأنهم عرب وهذا دليل كبير على أن صاحب المشروع غير عربي ( 5 – 10 ) هدم مساجد السنة وبما إن المسلسل مستمر فان الأحداث أيضا مستمرة ومن اجل القضاء على الجذور التاريخية والرمزية والدينية لأصحاب هذا المذهب كان لابد من حملة أخرى تستهدف هذه المرة الأماكن الدينية وبدأت حملة جديدة من الاعتداءات وهذه المرة على المساجد السنية فكانت القوات الأمنية المؤتمرة من إيران تقوم بالاعتداء على المساجد وقتل المصليين فيها وما حدث في جامع العرب وجامع العشرة المبشرين ومساجد أخرى ليندى لها الجبين فكيف بمن يدعي الإسلام يعتدي على مسجد ويقتل المصلين ويمزق القران هدم المساجد السنية ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بهدم مساجد كثيرة في البصرة من اجل إشعار السنة بأنه لن يكون لهم مكان للعبادة بعد الآن واضطر عدد كبير من المساجد إلى غلق الأبواب خوفا من القتل أثناء الصلاة والأمر الأكثر ذلة هو أن يقوموا بعمل باحة المسجد مكب للنفايات أو بسطات للتسوق كما حدث ولا يزال إلى الآن في جامع الزبير بن العوام ( 6 – 10 ) تهديم للجوامع أمام مرأى ومسمع العالم تشييع السنة وبدأت حلقة جديدة من مسلسل الاحتلال الإيراني الجديد وهو أن يلبس الجميع اللون الأسود وبما أن أهل السنة يختلفون في العقيدة معهم رغم احترامنا لكل الأديان والمذاهب ولكن لايجب أن يفرض دين أو عقيدة على امرؤ بالقوة إنما يجب أن يكون بالإيمان المطلق وإلا فان الأمر لايعتبر مجرد تمويه وغير حقيقي ولكن أصحاب المشروع الكبير كان لهم رأي آخر فهم يريدون للجميع أن يظهر بهذا المنظر سواءا كان مؤمنا به أو لم يكن ولكي يكونوا وأولادهم على الطريق المرسوم فيجب عليهم أن يدخلوا الدين الجديد وبدأت حملات تشييع السنة في البصرة تدريجيا فمن حضور مراسم العزاء التي تقام في أوقات معينة وتأدية طقوس لايفقهون عنها شيئا إلى طبخ الطعام وتوزيعه إلى ارتداء ملابس الحداد إلى الابتعاد عن الصلاة في الجوامع السنية حتى لايثيروا ضغينة الآخرين وصولا إلى الذهاب مشيا على الأقدام للزيارة في النجف وكربلاء ويوما بعد يوم وجيلا بعد جيل سوف لن يكون للسنة أي وجود في البصرة لذلك فان مخطط الاحتلال الإيراني كبير وكبير جدا وهو لايريد احتلال البلاد إنما يريد احتلال العباد وهكذا نرى أن عددا كبيرا من السنة في البصرة أصبح يخجل أحيانا من الظهور أمام المجتمع بالمذهب السني وأحيانا أكثر كان يخاف من الظهور بهذا المظهر خاصة انه يشعر بالوحدة ويشعر بان أي شخص مهما كان بسيطا يستطيع أن يفعل به مايشاء دون أن يكون له أي قوة أو أمل في الدفاع عن نفسه أو أن يتدخل القانون بينهما لان القانون أصلا أصبح يرتدي اللون الأسود ( 7 – 10 ) قيادات سنية في البصرة عاش سنة البصرة فترة طويلة يعتقدون أن احد الأحزاب هو من يمثلهم وكانوا يحلمون باليوم الذي يقوم به هذا الحزب بسحب السيف بوجه الأعداء وتخليصهم وتحريرهم من العبودية ولكنهم يوما بعد يوم يتأكد لهم أن هذا الحزب هو أصلا جزء من المؤامرة بل وصدموا عندما رأوا مسئولي هذا الحزب وهم يقومون بزيارات متكررة لإيران وسط ترحيب كبير من الطرف الآخر بهم مما يدل إن هذا الحزب قد أدى مهمته على أحسن مايكون وطبعا لم يكن بالإمكان أن يحصل هذا الحزب على مواقع متقدمة في الدولة العراقية مالم يغضوا النظر عما يحدث لأبناء جلدتهم في البصرة لذلك ظهرت بوادر جديدة هنا وهناك خاصة أن المثل يقول إن الثورات لاتموت فان القيادات الشجاعة السنية أيضا لاتموت وكانت محاولات البعض قوية وشجاعة كمحاولة احد الضباط السابقين عندما حاولت الميليشيات دخول بيته فقد قاومهم مقاومة شجاعة وباسلة واستطاع قتل منهم عدد لابأس به قبل أن تغلب الكثرة الشجاعة ويقع صريعا وشهيدا إن شاء الله وأيضا محاولة احد شيوخ المساجد في منطقة سفوان الذي استطاع أن يقاوم ما شاء له قبل أن تأتيه رصاصة الغدر ولكن الظاهرة الأكبر والأقوى التي ظهرت هي عندما استطاع شاب في أواخر الثلاثينات من عمره أن يتحدى ويصيح بأعلى صوته ويندد بالاحتلال الإيراني وهي المرة الأولى التي يتجرا فيها شخص بمعارضة سياسة إيران في البصرة بل ويصفها بالاحتلال وهو مصطلح يطلق لأول مرة على إيران بعد كانت المصطلحات كلها تصفها بالمتدخل وقد استطاع هذا الشاب وهو عوض العبدان أن يلملم شتات السنة هنا وهناك ويبث روح الأمل فيهم من جديد ويرسم لهم طريق التحرير فما كان من الناس المتعطشة إلى هكذا فارس إلا أن سارعت بالالتفاف حوله ولأول مرة منذ عام 2003 يعقد مؤتمر في البصرة يندد علنا وأمام وسائل الإعلام بالتدخلات الإيرانية ويهددها بالكف عن هذه الأعمال وإلا فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي ليبدأ بعدها فعلا حملة لمقاطعة المنتجات الإيرانية مقاضاة القنصل الإيراني وإجبار رافسنجاني على عدم المجيء إلى البصرة بعد أن هدده بمظاهرات عارمة ومطالبته علنا بقطع العلاقات مع إيران وطرح مشروع بناء جدار عازل بين العراق وإيران ( 8 – 10 ) حملة مقاطعة المنتجات الإيرانية الدعوة لبناء سور كبير بين العراق وايران كل هذه الأمور أرقت الجانب الإيراني وجعلته يعيد حساباته مرة أخرى فهذه ورقة لم تكن في ( 9 – 10 ) فضح مؤامرات الإيرانيين أمام الإعلام الحسبان ورغم محاولاتهم شراء ذمته بأموال طائلة إلا انه رفض رفضا قاطعا أن يبيع دماء أبنائه وإخوانه وأهله بأي ثمن كان واستطاع هذا القائد الشاب أن يكسب ود واحترام العديد من أبناء البصرة ومن جميع الطوائف والديانات لأنه ورغم كل ماحدث له ولأهله إلا انه لم يكن يطرح إلا المشروع الوطني الذي يدعو إلى التعايش بسلام بين كل المكونات وهذا الأمر الذي أغاض إيران بشكل كبير جدا الأمل موجود مما تقدم فانه يتضح لنا فان النار ورغم الرماد الذي يحيط بالجمر فانه بالإمكان بنفخة واحدة أن نعيد إشعال النار من جديد فرغم كل ماحصل وسيحصل لأبناء الجنوب وأبناء البصرة تحديدا فان الأمل موجود بان تتحرر هذه المنطقة من الاحتلال الفارسي عندها سيعيش أهل المدينة بسلام ووئام وطمأنينة بعيدا عن شبح الموت وسرقة المال والعرض وسيبنى بلد جميل يملاه الحب والشوق والحنان 1