ما أعلنه مساء أمس بنيامين نتنياهو؛ رئيس الوزراء الاسرائيلي ، عن حصول اسرائيل على معلومات أخفيت عن الدول الموقعة مع طهران على الاتفاقية النووية ، يمهد الطريق أمام ترمب لحسم ترده والانسحاب من الاتفاقية النووية بين الأعضاء الخمسة الدائمين بمجلس الأمن اضافة إلى ألمانيا مع إيران؛ والذي علق عليه البيت الأبيض بأنه تحت الدراسة ،في حين واشنطن في العد التنازلي لافتتاح سفارتها في القدس وإقفال مقرها السابق في تل أبيب . من جهته تنظيم "داعش" يعاود نشاطه من ريف دير الزور ومنطقة على الحدود بين العراقوسوريا بمساحة تقدر 6140 كيلومتر مربع وضربات صاروخية تصيب عناصر ميليشيات تابعة لإيران ومقرات وقواعد ايرانية في العمق السوري والفاعل مجهول ، فيما نفى التحالف الدولي في سوريا علاقته بتلك الضربات ، والأردن نفت اطلاق أي صواريخ عبر أراضيها ، وحديث نتنياهو مساء أمس يلمح بأنه سيستهدف أي قوات ومواقع لإيران داخل سوريا ، أي أنه اعترف اعترافًا غير مباشر عن الهجمات الصاروخية الأخيرة ، والتي أودت ب26 عنصر ايراني ، وهدد ايران برد موجع داخل العمق الايراني في حال أطلقت إيران من سوريا أو استخدمت حزب الله لأي اعتداءات على أراضيها . فرنسا تناولت اليوم ؛ على ما ورد بكلمة نتنياهو ومعظم ما كشفه معروف ، ومهما كان لن تتخلى عن التزامها ببتوقيعها على الاتفاقية ، في رد منها على ما كشفه نتنياهو عن حدب ايران المتواصل على انتاج قنبلة نووية بنهاية 2019 ، وأن المخابرات الخارجية الاسرائيلية "الموساد" حصلت على 550 صفحة من معلومات تؤكد عدم نجاعة الاتفاقية النووية بمنعها من عمليات تطوير قدراتها النووية المختبرية التي أتاحتها الاتفاقية فحسب بل أنها استغفلت لجان التفتيش والموقعين معها عن الاتفاقية عما تم كشفه من عدم توقفها عن الوصول لإنتاج السلاح النووي. وزير الخارجية الأمريكية دان خلال زيارته للرياض الاعتداءات الصاروخية بصواريخ ايرانية عبر ميليشيات الحوثي ، و التدخل السافر لإيران في المنطقة وتواجدها في سورياوالعراق ، واستمرار تسليحها لمليشيات الحوثي في اليمن ، واكد على ضرورة الانخراط في مفاوضات تقود الى حل سياسي ، دون أن يشير من قريب أو بعيد عن انتهاك ميليشيات الحوثي وايران للقرار 2216 ، ولم يشر للقرار نفسه عن الحل السياسي الذي تجاوز فيه القرارات الدولية ومنها القرار آنف الذكر. من جانبها، تتهم روسيا الولايات المتحدةالأمريكية وحلفاءها فرنسا وبريطانيا بأنها تسعى الى تقسيم سوريا، مشيرًة إلى أن تواجد روسياوايران شرعي لأنه جاء تلبية لطلب حكومة " الجمهورية العربية السورية" المعترف بها في الأممالمتحدة ودول العالم ، والتزمت موسكو دائمًا الصمت أمام اي قصف اسرائيلي بالعمق السوري ولم يلمح حتى لاحتجاج ناهيك عن تنديد أو استنكار ، وهذا يؤكد ما سرب من معلومات أن اتفاقية بين موسكو وتل أبيب أعطت اسرائيل الحق في ضرب ما يهدد أمها داخل سوريا شريطة أن لا يستهدف أي تواجد روسي باي بقعة داخل سوريا ، وكذلك تنسق موسكو مع التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة على عدم اكتراث روسيا باي ضربات جوية أو صاروخية أو قوات محمولة أرضًا أو اي قوات تساندها أمريكا " التحالف الديمقراطي " ذي الغالبية الكردية ، أو القوات التركية وانتشارها شمال سوريا ، وهذا يدلل تناقض روسيا عن تشديدها لعدم تقسيم سوريا .. في حين قضت قواعد الاشتباك بين روسيا والتحالف في سوريا أن تقصف روسيا منفردة أو مساندة جوية روسية لجيش النظام السوري أو الميليشيات الايرانية ومنها حزب الله في اي هجوم لها على أي فصائل أو تنظيمات معارضة للنظام السوري ، وأن ينسقا معًا في ضرب كل من قواتهما التنظيمات الارهابية ، داعش ، والنصرة ..في حين تتحاشى أميركا اطلاق صفة الارهابية على الميليشيات المدعومة ايرانيًا وروسيًّا ، وأن يعقد كل منهما عند الضرورة اتفاقيات مع تلك التنظيمات "الارهابية " بإجلائها الى مناطق تتواجد فيها حاضنة شعبية ، واجلاء من يرغب من المدنيين مع تلك التنظيمات بتوفير وسائل نقل وتأمين خطوط سيرها ، كما حصل في حلب والغوطة الشرقية انتهاء بمركز الغوطة الشرقية في (دوما) . وكذلك حينما عقدت ميليشيات حزب الله اتفاقًا مع جبهة النصرة وعناصر من داعش من جرود عرسال اللبنانية المتاخمة للحدود بين سورياولبنان ، فتم ترحيل عناصر داعش الى دير الزور ، والنصرة إلى إدلب ، وتكرر يوم أمس أن توصل النظام السوري لاتفاقية مع " داعش" أن يتم اجلاء عناصره وعائلاتهم من مخيم اليرموك والحجر الأسود وبأماكن تواجدهما في محيط العاصمة دمشق إلى شمال شرق سوريا "دير الزور"، والفصائل الأخرى المعارضة " النصرة" الى ادلب ،ومع كل تلك المنظومة من الاتفاقيات مع ما يطلق عليها "الحرب على داعش" . وقد أكد وزير الخارجية الأمريكية أن اهتمام ادارة ترمب الانتهاء مما تبقى من حربها على داعش بتعاون دول اقليمية عربية ، لتصفية ما تبقى للتنظيم من جيوب في سوريا ، في معرض حديثه عن رغبة الرئيس ترمب سحب قوات بلاده من سوريا ،حاثًا الى التعاون مع بلادة في تحقيق النصر النهائي لإنهاء أي تواجد لداعش...وكذلك ما صرح به الرئيس الفرنسي ماكرون أن تواجد بلاده في سوريا لإنهاء ما تبقى من منظمات ارهابية . إزاء هذه الشبكة المعقدة من التحالفات والخصومات والتناقضات وما خفي كان اعظم مما يخطط له في سوريا وبوتيرة متسارعة تهيئة لحسم مستقبل سوريا الذي لن تتضح معالمة قبل أن تؤمن واشنطن ، موسكو ، طهران ، انقرة ، حصصها في اعادة تعمير ما دمروه ودمره النظام السوري ، ولن تتوقف أعاصير الحرب في سوريا قبل أن يضمن كل طرف من الدول المتواجدة على الأرض السورية حصته من "كعكة الغاز" ، وكذلك من حق الدول الداعمة ماليا لإعادة الاعمار أن يكون لها نصيبها من الاستثمار في الغاز ، ولن تظل على الدوام "بقرة حلوب" فحسب. وإلى أن تتضح الصورة أكثر ، والتي ظهرت إشارتها بدأت تتكشف وستتكشف أكثر ، بعد أن تعلن تركيا أنها بحسب ما تخطط له من حربها الحالية أنها امنت حدودها الجنوبية ، وروسيا اكملت مخططها في التهجير ، وأميركا قطعت كما تقول الططريق على تواصل ايران عبر الشمال السوري مع لبنان ، وايران من أنها اتفقت مع روسيا على اختلافاتهما غير المعلنة على الاستثمار في اعادة اعمار سوريا . الأدهى من ذلك و ومن المفارقات احتجاج تركيا ومطالبتها بحسب قواتها من شرق الفرات وبالتخلي عن دعم قوات "سوريا الديمقراطية " وعلى إدخال أمريكا اسلحة نوعية لقوات سوريا الديمقراطية لا تمتلكها حتى بلادها ، في حين تسهل دخول تلك الاسلحة والمعدات المتطورة عبر الأراضي التركية وجزء يسير عبر الحدود الشمالية الغربية العراقية ، حيث تتمركز القوات الأميركية شمال شرق الفرات السورية. التناقض المثير بعد الضربة الاميركية البريطانية الفرنسية لقواعد ومواقع سورية تقوم فيها أنشطة لإعداد وتجهيز الأسلحة الكيماوية؛ بعد ان استخدمتها قوات النظام السوري في دوما ، اقامت إيران جسرًا جويًا نقلت فيها عبر طائرات نقل عسكرية ومدنية صواريخ متطورة واسلحة ايرانية لمواجهة اي هجوم صاروخي على قوات حليفها نظام بشار الأسد ، في حين لم تعترض اي طائرة عسكرية امريكية تتواجد بالعراقوسوريا وبقاعدة انجلريك التركية لمنع ايران من تزويد نظام بشار الذي تتهمه واشنطن باستخدام اسلحة كيماوية ضد شعبه . أمام هذه التناقضات ، يمكن أن نأخذ بالاعتبار أن - الهدف الذي سنأتي عليه لاحقًا - من تواجد قوات نظامية أمريكية وقواعد عسكرية للتحالف ، اضافة للتواجد الأكبر عسكريا وسياسيا لروسيا والتواجد التركي المحموم ، ناهيك عن التواجد الذي يصفه نظام دمشقوطهران وموسكو بأنه شرعيٌ لميليشيات ايرانية وكذلك القوات الروسية واقدتها البحرية في طرطوس والقاعدة العسكرية في الحميمة ،وفي ظل استجابة قوات المعارضة التي تدعمها أمريكا وتركيا ودول عربية كل تدعم فصائل بعينها ،لإخلاء مناطق تواجدها وتسليم اسلحتها الثقيلة والمتوسطة من الغوطة الشرقية وحاضرتها (دوما) وسابقًا حلب . اضافة للجيش الحر ذي الأغلبية الاخوانية تخلى عن دوره بمواجهة النظام ،منذ 2016 ؛والذي استقطبته تركيا منذ انشقاق عناصره عن الجيش النظامي ، الى تحرير كوباني ، مستخدمة معه سياسة العصا والجزرة، "عصا " تقنين تسليحه ومنعه من بداية الحرب من الحصول على دفاعات جوية لتحييد طيران النظام حسب التشدد الأمريكي في هذا الجانب ، وتمنحه "جزرة "مظلة جوية بمناطق تواجده واصبح يقاتل مع القوات التركية التي اكتسحت عدد من المناطق شمال سوريا والتي لها الكلمة في إدلب وبعض مدن الشمال السوري ، وايران وقوات النظام تحكم السيطرة على العاصمة دمشق وحمص وحماة والساحل السوري .. الهدف من الخيط الرفيع الذي يتمثل بالحد الأدنى من مواجهات مباشرة بين فريق واشنطن وفريق موسكو ، هو ما رشح من معلومات أن في عام 2017: صدر تقرير أن الاحتياطي السوري من الغاز في منطقة تدمر ، وقارة ، وساحل طرطوس ، وبانياس، هو الأكبر وهذا يجعل سوريا، إن تمّ استخراج هذا الغاز "ثالث بلد مصدر للغاز في العالم"؛ أي أن سورية ستحتل مركز قطر، بعد روسياوإيران، وقدر مركز فيريل للدراسات احتياطي الغاز السوري ب 228تريليون و500مليار متر مكعب؛ أما خط غاز قطر فيكون قد انتهى، ولا أمل للدوحة بعد اليوم بمرور هذا الخط عبر الأراضي السورية ويكون حلمها قد مات. والنتيجة مما سبق ، أن أي هدوء أو انتهاء للحرب في سوريا، يعني أنّ موازين القوى انقلبت فجأة لصالح دمشق عسكرياً واقتصادياً، لهذا نشط تأجيج الهجومات المتبادلة بين داعش وقوات سوريا الديمقراطية ، وبين تركيا والقوات التي تقول أنها تشكل خطرًا على الأمن القومي التركي ، وبين قوات النظام وحلفائه على الغوطة ومناطق حول دمشق ،واختلاق معارك هنا وهناك، ،واعلان ترمب عن سحب قواته ثم تراجعه مؤقتًا ؛ يأتي في مقدمة تصميم البنتاجون والخارجية وحتى الكونجرس على ضرورة الابقاء عليها، يأتي لتعويض ما قال عنه ترمب 7 تريليون دولار خسرتها أميركا في حروب الشرق الأوسط ، من الكميات الكبيرة جدا من الغاز في سوريا والتي اكتشفت مؤخرًا ؛ المؤمل بعد انتهاء الحرب سيتم استثمارها والاستفادة في مرحلة اعادة الاعمار ، حيث قدر حسب دراسات جيولوجية أنه سيدر أموالًا تجعل من سوريا من أغنى الدول وسيؤمن عائدًا سنويًا يفوق ما سينفق على اعادة الاعمار بثلاثة اضعاف . ،وتظل العين لكلا الفريقين على مناطق بادية تدمر ودير الزور وشمال الفرات حيث يتواجد المخزون الهائل من الغاز .. وفي ظل تصريحات من هنا وهناك أن تظل سوريا موحدة فذاك محض حلم لن يتحقق ، إلا بعد اتفاق بين موسكو وواشنطن وأنقره وطهران ، أو تغلب فريق على الآخر وهذا يعني ديمومة الدم ...لاستنزاف الغاز ، وإزاء ذلك التقسيم حاصل الآن وسيتعمد في حال لم يتم التوصل إلى قيام دولة سورية حديثة ، وانهاء وجود جميع الميليشيات والمنظمات الارهابية وطي صفحة تفرد بشار ونظامه بالحكم ، وهذا هو المرشح في حال تغلبت لغة الحق والعدل ولا أخاله قريبًا .