عندما بلغ عبد الله بن سلام مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، أتاه يسأله عن أشياء، فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟، وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟، وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه ؟، قال: أخبرني به جبريل آنفا، قال ابن سلام: ذاك عدو اليهود من الملائكة، قال: أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت وأما الولد: فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، . فقال : يا رسولَ اللهِ، إن اليهود قوم بُهْت، فاسألهم عنِّي قبل أن يعلموا بإسلامي، فجاءت اليهود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أي رجل عبد الله بن سلام فيكم؟!، قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام؟!، قالوا: أعاذه الله من ذلك، فأعاد عليهم فقالوا مثل ذلك، فخرج إليهم عبد الله فقال : أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، قالوا : شرُّنا وابن شرِّنا، وتنقصوه، قال: هذا كنتُ أخاف يا رسولَ الله ) تناقض عجيب في مجلس واحد , لم يفصل بينه إلا قول الحق وإتباع الصواب , فتحول من المرضي عنه إلى المسخوط عليه , من الصالح إلى الفاسق , من الأفضل إلى الأدنى البغيض . للأسف أن ذلك الخلق الذميم الذي عرف به اليهود , شد ازاره وشمر عن ساعده منتقلا إلى المجتمعات المسلمة , مسيطرا على المعارك الإعلامية الفردية والمؤسساتية , بل وبصورة أشد , فأصبحت التكنولوجيا العصرية تحول الحديث إلى واقع مصور أو مشاهد بافتراء المغرض وتركيب الكاذب . مهما كان الهدف فلا يبرر الشرع المطهر الفجور في الخصومة , بل عد الشرع ذلك الفعل المشين من صفات المنافقين , لما يترتب عليه من بهت الأخرين والإفتراء عليهم والكذب . ومع مواقع التواصل اشترك حتى الصادق المخلص المحب لأمته في ذلك الخلق الذميم وهو لا يعلم , كونه اصبح بوقا اعلاميا لقنوات موجهة تهدف للفتك بالنسيج الداخلي للأمة والتشكيك في العلماء أو الحكام أو مؤسسات علمية أو دعوية أو خيرية ...... , فترى عجبا !! قلم نبيل ينقل ما يبهت به مسلم , بل ويدافع وينافح عن منقوله , ويستشهد على صدق كلامه من ذلك البوق الذي عرف عنه بهت الأخرين . وتزيد الطامة عندما يعرف الشخص بكذب تلك الافتراءات فينقلها لأنها تحقق أهداف شخصية أو جماعاتية أو سياسية.