عندما كتب الاسكتلندي روبرت لويس رائعته ( الدكتور جيكل ومستر هايد ) كان يتحدث عن حالة الازدواج أو الانفصام للنفس البشرية فقد كان الدكتور جيكل مثالا للصلاح والتقوى ولكن في قرارة نفسه كان هناك شيطان يريده أن يخرج من رداء الفضيلة ويتدثر بعباءة الشهوات( وهذا الشيطان ملازم لكل نفس بشرية ) , اعتقد الدكتور جيكل أنه بتقمصه لشخصية مستر هايد فأن هذه الشخصية ستوفر له ملاذا للهروب من أخلاقياته ووسيلة لإرضاء نزواته وشهواته !! وبين دوامة( الأنفس) المطمئنة و اللوامة والأمارة بالسوء أصيب دكتور جيكل بمرض الفصام وأصبحت له شخصيتان احدهما (ظاهرة) تمثل الروح الملائكية وأخرى (باطنه ) هي الشيطان في أبشع صوره . فجميع الطوائف والحركات الدينية دون استثناء ليست كالعذراء عليها السلام التي لم يحمل رحمها إلا مضغة صالحة من روح الله , أما (رحم ) تلك الطوائف والجماعات فهو متقلب فمرة يكون حملا خفيفا فيأتينا صبي مبارك فيه من نفحات الأنبياء ومرة أخرى يكون حملا متعسرا فيأتينا غلام كغلام صاحب موسى يرهقنا طغيانا وكفرا ، إن (رحم ) هذه الجماعات أيضا مصاب بانفصام ولايمكن السيطرة عليه بل هو انفصام لاعلاج له . وكان الدكتور جيكل يهتم لأمر مستر هايد ويحيطه بعنايته لأنه متنفسه في الحياة العابثة ولكنه كان يلقي عليه كل اللوم عندما يكون هناك نقد أو مسائلة , وفي المقابل فأن جيكل لم يكن يعني شيئا لهايد إلا انه جسد يأوي إليه عندما يخاف من العقاب أو الموت .... كانت علاقة تعايش لبقائهما معا تذكرنا بعلاقة التعايش الحتمية بين ادم وابليس (قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين ) . ظهر مستر هايد بهويته الإسلامية في أماكن عديدة , ظهر في السبلة وظهر في مذابح الجزائر وفي ثورة الخميني . بل وظهر في غرة محرم من العام ألف واربعمائة للهجرة وهو يبشر بظهور المهدي فاستحل الحرم وقتل المصلين مجددا مافعله هايد القرامطة الذي قتل الحجيج وسرق الحجر الأسود قبل إلف سنة !! وظهر في اليمن وظهر في تفجيرات المحيا والداخلية !! ظلت علاقة التعايش بين جيكل وهايد بهويتهما الإسلامية حتى كانت الحرب( المقدسة) في أفغانستان , يمم هايد طريقه إلى كابول بحثا عن الحور العين وانهار الخمر المصفى, ولكنه ا كتشف انه كان ضحية لضابط استخبارات أمريكي اسمه تشارلز ويلسون الذي جعل الديانات الثلاث تحارب الخطر الشيوعي لمصالح أمريكية بحته !! إصابته الدهشة وهو يرى أن آيات الرحمن في جهاد الأفغان لم تكن سوى بين دفتي كتاب عبدالله عزام , كاد أن يصاب بالجنون وهو يرى رئيس باكستان محمد ضياء الحق يقول للعميل الأمريكي لو سمحت لكم بإدخال الصواريخ الإسرائيلية وعليها نجمة داوود فشعبي سيقتلني ولكن أزيلوا نجمة داوود وادخلوا الصواريخ !! ولان هايد معروف بسلوكه الشيطاني فقد ارتد بقوة على جيكل ليتهمه بالخيانة ويتبرأ منه ويقود عملياته الانتحارية ضد أمريكا وحلفائها العرب المسلمين . وفي المقابل اتحد الجميع هذه المرة ضد هايد بما فيهم الصديق جيكل و قاتلوه بضراوة وطردوه إلى( تورا بورا) واخذوا بعضا منه الى جوانتناموا !! ولأن كل من جيكل وهايد تربطهما المصالح المشتركة فقد اجتمعا لاحقا رغم سوء الظن ببعضهما , تقابلا في سوريا ولبنان ونيجيريا وباكستان والعراق وفي (رابعة ) ارض الكنانة, وكان أخر ظهور لمستر هايد وهو يرتدي عمامته ويطلب البيعة ليكون خليفة للمسلمين !! وفي الرواية الاسكتلندية وضعت الشرطة حدا لخطر مستر هايد بأن أطلقت عليه النار فمات ومات معه دكتور جيكل وهكذا تم القضاء على الشر ومصدره , إما في روايتنا الإسلامية فلقد تم قتل مستر هايد أكثر من مرة وبعد كل اختفاء يستطيع جيكل استنساخ هايد أخر !! ولم نستطع أن نضع نهاية للدكتور جيكل في روايتنا الاسلامية لأسباب عدة أهمها أن جيكل أصبح جزءا من العملية السياسية وكذلك فأن جيكل لازال يحظى بتعاطف من المؤسسات الدينية والقضائية مما يجعل جميع تصرفاته مبررة لاسيما وهناك كبش فداء سيدفع الثمن دائما اسمه (مستر هايد ) . 1