نتشر مدارس تعليم القيادة في جميع مناطق المملكة بهدف تأهيل من يرغب في قيادة مركبة بعد فترة تعليمية ودخول اختبار يكون بعده مهيأ لقيادة السيارة بأمان بإذن الله . وإن كان الواقع الحقيقي خلاف ذلك في مجتمعنا !! فتعليم من أراد القيادة من خلال ثقافتنا تكون في الطرق الفرعية الخالية والساحات والأودية وبعد تجربتين أو ثلاث يزج بهي في معمعة الزحام لعدة سنوات حتى يتقن القيادة ويتجاوز رصيده من المخلفات المرورية بضع آلاف من الريالات حينها يتوجه لمدرسة تعليم القيادة للحصول على رخصة قيادة . في عالمنا الخاص هذا هو الواقع وهنا المشكلة ؟؟ ففي كافة دول العالم يتعلم الناشئ القيادة في مراكز تعليم القيادة بينما نحن نتوجه لها بعد تشبعنا من المخلفات المرورية . كلا الحالتين السابقتين واقعاً وافتراضاً نسلم بها لهدف السلامة والحفاظ على الأرواح والممتلكات .وكما يردد في أسابيع المرور ما معناه أن القيادة ذوق وأخلاق ومهارة . إن كان كل هذا الإعداد والتوجيه و التوعية والوعد والوعيد لقيادة مركبة لا تقضي في داخلها طوال يوم كامل أكثر من ساعة في المتوسط . فكيف نمهل ونتجاهل من نقضي بقية اليوم في داخله وأنا أقصد هنا الأسرة .فكل مقدم على الزواج في مجتمعنا يكون منصباً على تأمين تكاليف الزواج من مهر وعرس ومنزل وخلافه ولا يدرك حقيقة ما هو مقدم عليه إلا بعد أشهر من زواجه فللأسف الوعي الفردي والمجتمعي بالزواج قاصر ومنصبة على الغريزة وكأنها الهدف الأوحد لزواج . قرأت في إحدى الصحف عن حالات الطلاق في المملكة ونسبتها خاصة في العام الأول من الزواج نسبة تفوق الثلث تجعلنا أمام معضلة حقيقية وخلل يجب الوقوف عنده من قبل المختصين والبحث والتقصي للقضاء عليه لإيجاد الحلول المناسبة . إحدى هذه الحلول ترتكز حول إعداد العريسين للحياة الزوجية من خلال دورات تثقيفية توجيهية يتخرج بعدها كلا الطرفين مروض بالمعلومات والمهارات الضرورية ليتعامل مع الطرف الأخر بأرقى الأساليب ومحصن ضد منغصات ظروف الحياة ؛فكل ما يتوقعه العريسان ويتخيلانه من حياة عاطفية وصور نرجسية وغرام وهيام وضروب من أصناف الغزل شعراً ونثراً من خلال ما يأملان أو ما أملاه عليهما المجتمع المحتاج والمتعطش لكل هذه المعاني والأحاسيس الرائعة كل ذلك قد ينهار أو يتزعزع مع أول تعارض حقيقي للمفاهيم والمعتقدات الاجتماعية لدى أي طرف . حينها تبدأ كرة الثلج في التضخم وتصل إلى مرحلة الطريق مغلق إن لم تجد من يكبحها من البداية فالتمادي والعناد وحب السيطرة قد يوصل لمسار مسدود لا رجعة منه .فما ذنب هؤلاء الأغرار عن الحياة الزوجية أن ينفصلا وتهدم أسرة ,كان الأمل أن تكون لبنة منتجة صالحة في بناء هذا الوطن . في اعتقادي أن من واجب المجتمع كما غرس المفاهيم الخاطئة في عقول طرية أن يكفر عن ذنبه من خلال توعية مدروسة يقوم عليها مختصين تعد المتزوجين للحياة الحقيقية الواقعية ليستطيعوا بعدها أن يحيلوا كل تناقض واختلاف إلى اتفاق وألفه وود وتناغم . في اندونيسيا كل مقدم على الزواج من كلا الجنسين يكون لزاماً عليه أن يحضر دورة تأهيلية للحياة الزوجية وظهرت النتائج رائعة فقد بلغت حالات الطلاق 8% مقارنة بأكثر من 38% في المملكة وكلا الإحصاءين لحالات الطلاق خلال العام الأول بعد الزواج لكن السؤال ألان أي الجهات الحكومية أو الأهلية مستعدة وقادرة على القيام بهذا الدور المهم في خدمة المجتمع الذي يحتوي بين أعداده على 70% من الشباب في حين لا يوجد فيه جهة تهتم لإعداد وبناء الأسرة سوا جمعية خيرية واحدة في مدينة جدة . قد يكون الإقدام على إنشاء مثل هذه المراكز لا فائدة منه إن لم يهيئ المجتمع قبل ذلك لتقبل الفكرة . في اعتقادي لو قامت وزارة الشؤون الاجتماعية وبالتنسيق مع وزارة الصحة بإهداء كل مقدم على تحليل ما قبل الزواج مادة علمية تثقيفية معدة بشكل مختصر ومركز يحوي أهم النصائح لحياة زوجية مثالية لوصلنا في وقت قصير إلى رغبة صادقه من الشباب لتعرف على ما يجهلون في فن قيادة وإدارة الأسرة ؛ حفظ الله أسرنا من التفكك وزاد من روابط ووشائج الألفة والوفاق. 1 [email protected]