كشفت دراسات حديثة عن ارتفاع نسبة الطلاق في السعودية في العام الماضي لتصل وفق آخر التقارير الرسمية إلى أكثر من 35% من حالات الزواج، بزيادة عن المعدل العالمي الذين يتراوح بين 18% و22%. ووصلت حالات الطلاق في عام 1431ه إلى معدل حالة واحدة كل نصف ساعة، بعد أن بلغت عدد حالات الطلاق 18765 حالة مقابل 90983 حالة الزواج في العام ذاته، بمعدل حالة كل نصف ساعة، وتقع غالبية حالات الطلاق في السنة الأولى من الزواج بنسبة تصل ل60%، بحسب مختصين. وقال رئيس محاكم منطقة تبوك الشيخ سعود اليوسف، في يونيو/حزيران من العام الماضي، إن "زيادة نسبة الطلاق في المملكة تجاوزت في الفترة الأخيرة سقف ال40%"، ووصف ذلك بأنه "مؤشر خطر على المجتمع". وحذر عدد من علماء الاجتماع والمختصين بالزواج من تنامي ظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي، بعد أن بات ارتفاع معدل الطلاق هاجساً لدى الشارع السعودي خلال السنوات الأخيرة. وأكد الأخصائي الاجتماعي محمد العتيق على أن هذه الإحصاءات تنذر بالخطر، وقال ل"العربية.نت": "الإحصائية تكون دقيقة إذا ما قورنت بنسب الزواج في الوقت ذاته". وتابع: "ارتفاع نسبة الطلاق مع تراجع نسبة الزواج مؤشر خطير جدا ويؤدي لمشاكل اجتماعية كبيرة في المستقبل، خاصة وأن بعض الأسر المركبة لا تستطيع الصرف على بناتهم بشكل مستمر، ويتوقعون أن تلتحق ببيت زوجها". نسب مخيفة وأفاد مسؤول موقع زواج على الإنترنت الشيخ خالد الهميش، أن الارتفاع خطر كبير يهدد المجتمع السعودي، معترفا بارتفاع نسب الطلاق في الفترة الأخيرة بشكل كبير. وعلق قائلا: "نلمس بوضوح ازدياد نسبة الطلاق في السعودية، والطلاق مؤثر سلبي على المجتمع، لأنه إذا كثر الطلاق كثرت العوانس، وكثرت التكاليف على الأسر، وفي المقابل انخفضت نسبة الزواج، وبات هناك عزوف من الشباب عن الزواج بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، فهو من سيتكفل بكل شيء، وطالما ليس هناك وظائف ولا سكن فسيكون هناك عزوف منهم، ويصلون لسن ال35 دون أن ينجحوا في توفير تكاليف الزواج". ويعتبر الهميش أن عدم الاختيار الصحيح هو أساس المشكلة، إضافة لضعف الثقافة الزوجية لدى الشباب، وقال: "في بداية العلاقة الزوجية مرحلة الافتتان والإعجاب ولكن مع التقنية التي نعيشها حاليا يبدأ الزوجان في تأسيس حياتهما نظريا قبل الدخول في الزواج الحقيقي، وعندها يفاجئان أن الواقع غير ما رسماه في ذهنيهما". وأضاف: "إذا ما طبق ولي الأمر الشرع في اختيار زوج موليته، كما أرشد الرسول، فهذا حري أن ينجح الزواج، ولكن المشكلة تكمن في عدم الاختيار الصحيح لكلا الطرفين، وعدم التوافق الفكري بين الزوجين، فهذا هو سبب ارتفاع نسبة الطلاق التي وصلت لهذا الرقم المخيف". المسيار والأمهات السبب ومن جانبه، أكد المأذون الشرعي والمستشار الأسري الشيخ محمد عثمان الفلاج أن أعداد الطلاق في ازدياد، ويرجع ذلك لكثرة زواج المسيار. وقال في تصريحات ل"العربية.نت": "بات الطلاق أكثر من السابق، والسبب في ذلك هو زواج المسيار، فكثير من الذين عقدت لهم يكون الزواج مسيارا، وعندما تعلم زوجته بذلك أو يشعر بالخطر يطلق بسهولة، فهو في نظر البعض منهم زواج مؤقت ولا يسجلونه حتى في الأحوال المدنية، وهذا مما سبب ارتفاع نسب الطلاق". وشدد مؤلف كتاب "هديتي لابني العريس"، وكتاب "هديتي لابنتي العروس"، اللذان يناقشان الحياة الزوجية وأسباب الطلاق؛ على أن زيادة نسب الطلاق تعود لضعف الثقافة الزوجية لدى الشباب وسطوة الأمهات على الأسر. وأضاف: "كثير من الشباب يريد أن يتزوج ولكن في نفس الوقت يريد أن يبقى على حريته دون قيود ولا يريد أن يغير من حياته شيئا، وهذا غير صحيح، إضافة لغياب دور الولي الحقيقي في البيت، فبات من يشرف على البيت الآن هي الأم، حتى أن كثيرا من الفتيات يتحدثن مع أمهاتهن عن أدق أسرار حياتهن الزوجية، وهذا خطأ كبير، وعندما تحدث أي مشكلة فهي تقف في صف بنتها وتدعوها للطلاق فورا ولا تطلب منها الصبر، وتقول لها أتركيه". ارتفاع النسبة إلى 35% وكشف لقاء جمع عددا من المختصين العاملين في القطاع الاجتماعي من المؤسسات الاجتماعية تزايد نسب الطلاق في السعودية، مؤكدا أنها قفزت خلال السنوات الست الماضية إلى 35%. وأكد رئيس وحدة شؤون المحافظات وأمين المجلس التعليمي في إدارة التربية والتعليم في الأحساء الدكتور أحمد البوعلي، خلال دورة تدريبية أقامتها وزارة الشؤون الاجتماعية في المنطقة الشرقية، أن "نسبة الطلاق قفزت من 19% إلى 35% خلال السنوات الست الماضية". وحسب مدير مركز التنمية الأسرية التابع لجمعية البر الخيرية في محافظة الأحساء، ووكيل كلية الشريعة والدراسات الإسلامية للشؤون التعليمية في المحافظة الدكتور خالد بن سعود الحليبي، فإن نسبة الطلاق بلغت 60% في جدة، و39% في منطقة الرياض، و18% في المنطقة الشرقية، و20% في الأحساء. وكشف أخصائي الإرشاد الأسري عبدالله السدحان عن وقوع حالة طلاق في المملكة كل نصف ساعة، مؤكدا على ارتفاع النسبة بين الأزواج حديثي السن، الأمر الذي يؤكد حاجة الناس الماسة للإرشاد الأسري الهاتفي. وأشار إلى أن 34% ممن تواصلوا عن طريق الإرشاد الهاتفي في جدة تراجعوا عن الطلاق.