لن تنعم صحيفة "عكاظ" بالاقتراب من أجواء السماء. ذلك أن الناقل الجوي "الخطوط السعودية"، حرمتها هذه النعمة منذ أسبوعين. وهي بادرة لجهاز وطني، كان من الأولى أن يكون نزيهًا وكبيرًا وراقيًا، كونه الوحيد الذي لا تغادره الليالي والأيام إلاّ وهو هابط أرضًا جديدة وصاعد سماء مديدة. أكثر جهاز وطني للأسف احتكّ بمعالم وحضارات وحارات وحوارات أخرى، هو نفسه الذي يمنع صحيفة لها انتشارها وحجمها وقبولها لدى قرّاء وطنه، بسبب أن ليس لأحد أن يشير إلى ملامح نقص أو قبح فيه. إننا نحمد المولى سبحانه، أن ليس للخطوط، ولا لمسؤوليها سلطة على الشبكة العنكبوتية، وما يكتب ويجري فيها، وإلاّ لأضحت نصف صفحاتها محجوبة سوداء، لا خضراء حتى. ذلك أن ما يوحّد كثيرًا من مواقع أخبار هذا البلد ومدوّناته ومنتدياته هو الشكوى من سوء هذا الأسطول الكبير في الحجوم، والصغير في الحلوم. والحديث عن فساد أطعمته يومًا، وفساد بعض أخلاقه دومًا. ولو سرى الأمر، على بدعة الخطوط هذه، لم يبق جهاز، ولا مصلحة، ولا مقرّ، إلاّ وحجبت عنه صحيفة. ذلك لأن سلطة الصحافة تقتضي في مهنتها الأولى، التنوير بمعاتم الخلل، وتبيّن النقص، وإرشاد المستحق الجاهل بحقوقه إلى ما يجب له وعليه. لهذا وجب أن تكون هنالك وقفة أكثر حزمًا للتعامل مع هذا الأمر. إن خطوطًا تفشل في إقلاع رحلة محليّة إلى تبوك في موعدها المحدّد، تغدو مهزلة حين تريد أن تبدو وسيمة وشابة وجميلة أمام مرأى المسافرين، ولو كانت مدينة باريس «حلوة وتهبل»، وحجوزات القوم الذين «سكتوا» مؤكدة دائمًا وأولوية. وشراء الأقلام وشهادات التميز وصور الإطارات المذهبة، أحد برامج خصخصتها الموقّرة. إننا نسأل الله العظيم الجليل، أن لا يكون للخطوط السعودية ولا مسؤوليها الذين اقترفوا الحجب –حجب الصحيفة لا الحقيقة فحسب-، أية سلطة على معارض الكتب في بلادي. وإلاّ فإن عبده خال –مثلاً- لن يتسنى له الحضور بنفسه ومقالاته للمعرض، لا كتبه فحسب. 1 يا مسافري خطوطنا السعودية العزيزة، لن تقرؤوا هذا المقال على متن طائرة الخطوط السعودية، المهتزة بخدمتكم، لكن من يدري، ربما في صالة الانتظار لإحدى رحلاتها المتأخرة أو الملغاة أو الغريبة الأطوار، يكون متسع لقراءته وعشرة مقالات أخرى. [email protected]