لم تعد قرانا وهجرنا بمعزل عن العالم الخارجي نتيجة لانفتاحنا الفكري على مختلف الحضارات مما جعلنا وبطابع البداوة نأخذ من تلك الحضارة أقذرها ومن تصرفات الغرب أسوأها فما كنا نسمعه في لويزيانا أو سانت اتيان نلمسه اليوم على أرض الواقع تحت سقف خيمة قد لا تقي من أشعة الشمس الحارقة . وبطبيعة المجتمعات التقليدية فإننا نجد أنها تخضع لمجموعة من المعايير التي تنظم تصرفات الأفراد فيها ، تنحصر هذه المعايير بين ما هو ديني أو اجتماعي كل تلك العوامل جعلتنا نطمئن طويلاً ونردد أن مجتمعنا بخير لنصحو على جملة من الأخبار التي بدأت تدق ناقوس الخطر وتعلن بوادر التغير نحو الأسوأ . بالأمس القريب تواترت الأنباء عن قيام أحد زملاء الدراسة بالانتحار ، كنت سأذهب بالاحتمالات بعيداً لولا معرفتي المسبقة بظروفه التي تنحصر وبشكل رئيسي في عدم استطاعته مسايرة تغيرات الحياة بعد غيابه عن عمله العسكري والذي نال على إثره كرتاً أحمراً لم يجلسه على مقاعد المدرجات لمشاهدة المباراة بل جعله حبيس غرفته نتيجة لعدم تقبل المجتمع له ليزداد الوضع ألماً على ألم. إقدام هذا الشاب أو غيره على الانتحار لم يكن إلا صورة تُظهر من خلالها ملامح ضعف الإنسان أمام أمور الحياة واتخاذه لحل يرى أن فيه خلاصٌ من العذاب النفسي الذي يعيشه تحت سيطرة الشيطان على كل تفكيره وإضعافه لعزيمته مما يحرمه آخرته . وعندما نقتنع بأن الحياة لا تخضع لمعايير مثالية فلماذا نبرر مثل هذه الأفعال بعد وقوعها ولم نقدم أية حلول للحد من انتشارها؟ لنفترض أن الإقدام على الانتحار نتيجة للبعد عن الله فأين دور المصلحين والناصحين قبل وقوع الكارثة؟ ولنفترض أن للمخدرات دور في تزايد تلك الحالات فمن هو المسئول الذي سهل دخولها وبكميات كبيرة ؟ وأين دور إدارة المكافحة ؟ وإذا كان الإقدام نتيجة لظروف نفسية فمن الذي أوصلهم لها ؟ وأين دور المراكز النفسية ؟ أما إذا كان الانتحار نتيجة لعدم مواكبة الحياة فمن الذي فرض على الشباب والفتيات البطالة ؟ أم أن تساؤلاتنا ستنتظر من يجب عليها في الألفية القادمة ؟ بقي أن نتذكر فقط أن مجلس الشورى أوصى بصرف ألف ريال لكل عاطل . صالح بن إسماعيل القيسي الرياض [email protected]