لم يعد المشهد الفكري السعودي يحتمل إلا لصوتين فقط حاله كحال الوسط الرياضي المملوء حد التخمة بعبارات السب والشتم إذا ما أخذنا بالاعتبار أن المجال الرياضي لا يُخرج الناس عن إطارهم الديني . حالة استثنائية غريبة يعيشها مجتمعنا هذه الأيام قد تصل به لاحقاً إلى أسوأ وأشرس أنواع الصراع حتى في محيط التيار الواحد على افتراض أن التصنيف حاصل لا محالة . فمن السهل جداً أن يتم وصفك بالفسوق مرة وبالكذب أخرى ناهيك عن عبارات تجعلك في عالم التجهيل والنكرات في زمن المعرفة . المؤسف جداً أن نصل لمستويات متدنية في النقاش وبعبارات خارجة عن المألوف نتيجة لسيطرة الرأي الواحد في كل تصرفاتنا ونتيجة لغياب التوجه السليم البعيد عن الانتماء الطائفي أو المذهبي فإذا غاب التوجه ظهرت المشاكل . عندها لم نعد نفرق بين صياح فيصل القاسم من منبره الإعلامي بقناة الجزيرة وهو يطلب من ضيوفه الهدوء بعبارة \" بس دقيقة \" للدرجة التي ظل يردد تلك المفردة حتى بدون مناسبة وبين صياح متزعمي الوصاية على الناس والصراخ على قدر الألم ولكنه هنا بدون ألم . ما حدث للشيخ الغامدي من هجوم كاسح عبر مختلف الوسائط وصل في مداه إلى استصدار فتوى من المفتي العام لتأكيد الدعوة بعدم ترك صلاة الجماعة واصفاً من دعا لمثل تلك الآراء بأنه داعية ضلال وغاش للمسلمين ليتم إعلان قرار إقالة الرئيس من منصبه بقرار ارتجالي يُظهر بجلاء أن هناك تنظيماً يعمل بإتقان وإحكام لإقصاء كل من يقدم رأياً فقهياً مختلفاً أو طرحاً جديداً حتى لو كان بنصوص مغيبة ، ولكن لأننا نعيش زمن عبد الله بن عبد العزيز فقد تم سحب هذا القرار بعد صدوره بساعات . لنفترض أن الغامدي جانبه الصواب أليس من الأولى أن نفتح مجالاً للحوار الهادف من أجل الإفهام لا الإفحام ونقدم الأدلة باحترام للطرف الآخر فكل يؤخذ بقوله ويرد . هل نحن مقبلون على أزمة فكرية تنحصر في تقسيم الناس بين الديني واللا ديني ؟ وهل وقع الإسلاميون ضحية لمؤامرة قادمة من خارج الحدود كما يعتقدون ؟ أم أنه لم يعد لديهم فكراً يناسب تغيرات الحياة وتسارع الزمن كما يراه التنويريون ؟ بقي علينا أن ننتظر فالقادم مؤلم حتى وسط الصف الإسلامي الواحد . صالح بن إسماعيل القيسي الرياض [email protected]