عندما تكتب نصاً وتنثر حروفك عبر أي وسيلة أو تأتي بفكرة جديدة كفكرة جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية أو تقدم رأياً كذلك الرأي الفقهي الذي قدمه الغامدي رئيس هيئة مكةالمكرمة فإنك ستتفاجأ عندما نقرأ ردود الأفعال المتشنجة حتى لو لم تمس شيئاً من الثوابت المسلّم بها . ومن المعروف أن كمية الثوابت تساوي كمية المتغيرات وبالتالي فإنه من الممكن أن نتحكم بالقيم المتغيرة بما يتناسب مع تنظيمات العصر وتطوراته ولكن مفاجأةً من العيار الثقيل ستكون بانتظارك . بحور من التصنيف الفكري نطلقها جزافاً يمنة ويسرة في ظل حراك اجتماعي يدير كنتروله مجموعة من المعارضين لكل ما هو جديد . وعندئذ سنختلف كثيراً ونتفق قليلاً في ظل التعصب الأعمى والتبعية البغيضة والمندرجة تحت بنود الأحزاب غير المعلنة والتي تمارس تحقيق أهدافها بضمائر مستترة جوازاً ليس في علم النحو ولكنها في أرض الواقع مستغلة تلك العاطفة الدينية لدى عامة المجتمع ومطبقة مبدأ الوصاية عليهم . مشكلة الكاتب أو المثقف أو حتى المفكر في دول العالم الثالث أنه يتعرض للمحاكمة فوراً قبل طرح فكرته مما قد يقوده إلى مستويات دنيا تبعده عن الطرح والنقاش الهادف . وإن ما نعانيه من أزمة فكرية هو نتيجة للرأي الواحد الذي تشربناه منذ نعومة أظفارنا وبالتالي أصبحنا أسرى لأسلوب الوصاية الذي يطبقه البعض على البعض الآخر وإن لم تكن معي فأنت ضدي . عندما نُكوّن قاعدة قوية للحوار الفكري فإننا سنسلك الطريق السليم للوصول إلى بر الأمان بهذا المجتمع . يبدأ هذا الحوار من البيت بإعطاء مساحة من الحرية للطفل بالتعبير عن رأيه في بعض الأمور ويمتد إلى المدرسة ذات الأسلوب العقيم في مبدأ الحوار ليعم المجتمع بعد ذلك . لا نريد أن نقول بأن حراكنا الفكري والثقافي قد أصبح شيئاً من الموروث مرصوفاً على أرفف المكتبات فهذا ما لا نريده البتة وإنما نريد حراكاً ينتقل بنا من الظل إلى النور ومن الاستتار إلى الظهور بارزاً كل الإمكانيات نحو مستقبل مشرق لوطن مليء بالمبدعين . بقلم : صالح بن إسماعيل القيسي الرياض [email protected]