عندما نتابع حراكنا الفكري سنجد أننا ننتقل دائماً من أزمة فكرية إلى أخرى لندور في نفس الحلقة المفرغة متأخرين عن ركب التقدم . حيث يعتقد كثير من الناس أن مجرد التفكير بإبراز أي أمر جديد من شأنه الانتقال بالمجتمع إلى مراكز متقدمة هو دعوة للانحلال وهدم وتغريب له . وبالتالي نشأ خلال الثلاثة العقود الماضية جيلاً مقهوراً بعقول فارغة تنتظر ما يملى عليها ليتم تعبئتها حسب المواصفات والمقاييس . وعندما تغيرت اليوم قناعات بعض رواد تلك الحقبة ظهرت على السطح مؤخراً أفكارٌ كان من المستحيل مناقشتها تسليماً بتحريمها رغم أنها من قضايا الفروع ونتيجة لهذا الظهور دبت الخلافات داخل أبناء الصف الواحد . ولذلك لا نعرف هل نستقبل مثل هذه الصراعات بابتسامة عريضة كنوع من الرضا على تطور الفكر الصحوي وتحرره ؟ أم نحزن على ضياع أوقاتنا بمتابعة مثل هذه القضايا الهامشية التي تم أدلجتها بفتاوي مضروبة . بالأمس القريب خرجت لجنة متابعة المعاصي رغم حر صيف الرياض الذي تعدى الخمسين درجة إلى مبنى وزارة التربية والتعليم مصرين على مناصحة المسئولين فيها انطلاقاً من اعتقادهم واقتناعهم بفكرة المؤامرة التي يروجون لها بين العامة وأنها ستقود المجتمع نحو الهاوية جاعلين من أنفسهم طوق النجاة الذي سيدمر ويبطل مفعول هذه المؤامرة . بين يوم وليلة تحولت نورة الفائز من نائبة لوزير التربية إلى أداة لتمرير مشروع تغريب المجتمع ، وتحول أوباما الحرم عادل الكلباني كما وصفوه سابقاً إلى ابنٍ للطقاقة ورجل شاذ داعين إلى عدم الصلاة خلفه تراويحَ هذا العام كل ذلك بمباركة من سياسة التلقين التي سيطرت على كل تصرفاتنا منذ نعومة أظفارنا مما جعلنا نتعرض إلى نوع من القمع النفسي ساهم في تنشئتنا باحثين عن أي منافذ جديدة للحرية ليتضح لنا في النهاية أن الدعوة إلى تطور المجتمع المدني سوف تصطدم دائماً مع الإنسان الذي يقدم نفسه على أنه المالك الوحيد للحقيقة أو مع الإنسان الذي يقدم نفسه على أنه الوصي على الخليقة ولذلك قد تجود علينا الأيام القادمة بلجان ليس لها أي شغل سوى متابعة مواطن المعصية والسعي إلى ردمها . صالح بن إسماعيل القيسي الرياض [email protected]