تطفو محافظة ظهران الجنوب الواقعة جنوب مدينة أبها، على كنوز أثرية ذات قيمة تاريخية وعلمية تدل على أن لهذه المدينة ماضيا عريقا ضاربا بجذوره في أعماق التاريخ، ويعود إلى ما قبل الإسلام. كانت ظهران الجنوب، التي تتبع إداريًا منطقة عسير ممرًا لطرق التجارة البرية العالمية القديمة بسبب مواردها الطبيعية وموقعها المتميز الذي جعل منها إحدى المحطات الأساسية على طريق التجارة البرية العالمية القديمة قبل وبعد الميلاد، وكانت أشبه ما يكون بالواحة والاستراحة الي تلجأ إليها قوافل التجار والمسافرين للتزود بمياهها وخيراتها وتبادل السلع وعقد الصفقات، سواء القادمة من شمال الجزيرة العربية المحملة ببضائع حوض البحر المتوسط وأوروبا، أو قوافل جنوب الجزيرة العربية المتجهة نحو الشام والعراق والمحملة بالتوابل والعطور والبخور. رحلة الشتاء ويلفت نظر الزائر لهذه المحافظة آثار النقوش والرسوم وصور الجمال والقوافل العابرة والكتابات السبئية والثمودية التي تحكي فصلاً من تاريخ التجارة العالمية القديمة، فقد كانت قريش تسلك هذا الطريق بقوافلها في رحلة الشتاء إلى اليمن، كما أن مسجد الصحابي الجليل علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – بالثويلة، ومسجد خالد بن الوليد – رضي الله عنه – جنوبالمدينة من أشهر المعالم الأثرية في ظهران الجنوب. ومن أبرز المعالم الأثرية الرسوم والنقوش التي توضح بجلاء حضارات عاشت في هذه المنطقة، ووثقوا طبيعة حياتهم اليومية على صخور جبال المبرح، وجبال كتام، وجبل عزان، تمثلت في رسوم الحيوانات مثل الوعول، والجمال، والخيول، وبعض الكلمات والخطوط المبهمة التي لا يعرف لها تاريخ محدد، فضلا عن موقع أثري يعرف بالمجمع تابع لمركز الفيض شمال المحافظة وفيه رسومات ونقوش وكتابات باللغة العربية غير المنقوطة التي فقدت أهميتها نظراً لاختفاء معظمها نتيجة للإهمال وعدم المحافظة. طريق الفيل ومن أشهر المواقع الأثرية التي ما زالت معالمها موجودة إلى الآن آثار طريق الفيل وهو الطريق الذي سلكها أبرهة الأشرم حينما حشد جيشاً في رحلته المشؤومة لهدم الكعبة المشرفة حيث قام جيشه برصف الطريق بالحجارة ليسهل مرور الفيلة عليه وما زالت بعض من آثار هذا الطريق واضحة للعيان في منطقة المصلولة وقاوية والثويلة، والمبرح والمجمع شمال المحافظة حيث سلكت قريش طريق الفيل في رحلاتها المشهورة لليمن في فصل الشتاء والتي ورد ذكرها في القرآن الكريم. وما يميز ظهران الجنوب القلاع والحصون الحربية التي اندثر جلها بسبب عدم العناية بها، ولم يبق منها إلاّ قليل تميزت بروعتها المعمارية الفريدة وطرازها الهندسي الجذاب، فضلا عن قوة مبانيها المشيدة من خامات البيئة التي تتكون من خلب الطين والخشب والحجارة. وتعكس هذه المعالم، الوجه الحضاري لظهران الجنوب خلال العصور الماضية، وليس أدل على ذلك من القرية الأثرية وحصونها في الحي القديم للمحافظة الذي يوجد به مسجد أثري وبئر منحوتة في الصخر، يقال إن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – هو من بناها عندما بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم لقبائل همدان. قلاع أثرية ويوجد في ظهران الجنوب قرية آل المونس ذات القصور والمباني المرتفعة، وقرية الطلحة التي كانت تعرف في الأزمنة الماضية بطلحة الملك وذكرها الهمداني في كتابه "صفة جزيرة العرب " وتتميز بقلاع ما زالت شواهدها حتى اليوم، كما يوجد مسجد خالد بن الوليد – رضي الله عنه – الذي ورد ذكره في كتاب الهمداني، ويقع تحت الثويلة " 18كم جنوب مدينة ظهران الجنوب " وعليه جواء بلا سقف، وبناه سيف الله المسلول عندما بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أهالي نجران. ويوجد فيها قرية آل محشيش "آل السحامي" غرب المحافظة وبها معالم مسجد أثري يعود تاريخ بنائه إلى أواخر القرن الثالث الهجري، وازدادت ظهران الجنوب أهمية خلال العهد السعودي الزاهر حيث شهدت تطوراً وازدهاراً في شتى المجالات وأصبحت نقطة التقاء لشبكة من الطرق الممتدة من الشمال والجنوب والشرق والغرب وتصب فيها طرق الحجاز، ونجد، وعسير، واليمن ونجران، وجازان. أحد المساجد الأثرية في ظهران الجنوب