طالب عدد من المهتمين بالآثار في محافظة ظهران الجنوب الجهات المسؤولة عن الآثار في الهيئة العامة للسياحة بضرورة التدخل العاجل لمنع التعدي على أشهر المعالم الأثرية التي تشتهر بها ظهران الجنوب، كطريق الفيل وعدد من القرى والمساجد والقلاع الأثرية المنتشرة في المحافظة، والتي فقدت كثيرا من معالمها لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها الإهمال والتعدي من قبل بعض الأهالي عليها ومحاولة إخفائها وتملك مواقعها في ظل غياب الرقيب، حيث لا توجد أي جهة معنية في المحافظة تهتم بشؤون الآثار والمحافظة عليها. وفي هذا السياق أوضح علي صالح آل المحضي الوادعي، أن محافظة ظهران الجنوب التي تقع في الجنوب الغربي من المملكة العربية السعودية (140 كلم جنوب أبها)، تغفو على كنوز أثرية ذات قيمة تاريخية وعلمية تدل بما لا يدع مجالا للشك أن لهذه المدينة الحالمة ماضيا عريقا ضاربة جذوره في أعماق التاريخ، فظهران الجنوب تزخر بمواقع وآثار تاريخية مشهورة، يرجع تاريخ معظمها إلى ما قبل الإسلام، وبعضها إلى صدر الإسلام ووجد البعض الآخر خلال العصور الإسلامية المتتابعة. ولعل أشهر المواقع الأثرية بظهران الجنوب، والذي ما زالت معالمه موجودة إلى الآن، طريق الفيل، وهو الطريق الذي سلكه أبرهة الأشرم حينما حشد جيشا في رحلته المشؤومة لهدم الكعبة المشرفة، إذ رصف جيشه الطريق بالحجارة ليسهل مرور الفيلة عليه، ومازالت بعض آثار هذا الطريق واضحة للعيان في منطقة المصلولة وقاوية والثويلة (12 كلم شرق المحافظة) والمبرح والجمع شمال المحافظة، إذ سلكت قريش طريق الفيل في رحلاتها المشهورة لليمن في فصل الشتاء، والتي ورد ذكرها في القرآن الكريم. واستفاد أيضا من هذا الطريق الحجاج والتجار اليمانيون والشاميون على حد سواء خلال القرون الماضية، وأبدى الوادعي أسفه الشديد على اندثار واختفاء أكثر من 80% من معالم هذا الطريق الأثري بفعل عوامل التعرية، وكذلك تعدي بعض الأهالي على مواقع منه وتملكهم لها لجهلهم بأهميته. من جهته، قال صالح أبو خلوة، إن من أهم المعالم الأثرية بظهران الجنوب الرسوم والنقوش التي توضح بجلاء حضارات الأقوام الغابرة التي عاشت في هذه المنطقة، وهي متمثلة في نقوش منحوتة على صخور جبال المبرح وجبال كتام وجبل عزان، إذ وجد على بعض صخورها نقوش ورسوم لبعض الحيوانات مثل الوعول والجمال والخيول وبعض الكلمات والخطوط المبهمة التي لا يعرف لها تاريخ محدد، وكذلك موقع أثري يعرف بالمجمع تابع لمركز الفيض شمال المحافظة وتوجد به رسومات ونقوش وكتابات باللغة العربية غير المنقوطة والتي فقدت أهميتها، نظرا لاختفاء معظمها نتيجة للإهمال وعدم المحافظة عليها من قبل جهات معنية وأشخاص مختصين في علم الآثار يقدرون قيمتها التاريخية. وقال أبو خلوة إن ما يميز ظهران الجنوب القلاع والحصون، خاصة الحربية منها والتي اندثر جلها بسبب عدم العناية بها ولم يبق منها إلا القليل، والتي تتميز بروعتها المعمارية الفريدة وطرازها الهندسي الفريد وقوة مبانيها، إذ إنها مشيدة من خامات البيئة "خلب الطين والخشب والحجارة"، وهذا بلا شك يعكس الوجه الحضاري لهذه المنطقة خلال العصور الماضية. وليس أدل على ذلك من القرية الأثرية وحصونها في الحي القديم للمحافظة، والذي يوجد به مسجد أثري وبئر منحوتة في الصخر.. يقال إن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، هو من بناه، ويعرف الآن بمسجد ظهران القديم، وكذلك قرية الحرجة القديمة التي يوجد بها مسجد تعرض كثير من أجزائه للاندثار، أيضا قرية آل المونس وما تتميز به من قصور ومبان ذات ارتفاعات شاهقة.