ليس على إطلاقه أن المرأة مظلومة دائماً بل قد يكون الرجل هو المظلوم واقترح إنشاء ثلاث جمعيات: جمعية الرفق بالرجل، وجمعية الرفق بالمرأة، وجمعية الرفق بالحيوان، وربما ضرب الرجل زوجته وضربت المرأة زوجها كما قال النابغة الجعدي: سقيناهمو كأساً سقونا بمثلها ولكننا كنا على الضرب أصبرا وكما قال الآخر: وأحياناً على بكرٍ أخينا إذا ما لم نجد إلا أخانا وقد قرأتُ وسمعت قصصاً عن المرأة الفولاذيّة الحديدية الشرسة المفترسة التي تضرب الرجال ويهرب منها الأبطال منهن غزالة الخارجية زوجة شبيب بن يزيد الخارجي فإن الحجاج بن يوسف على ظلمه وسطوته هرب خوفاً منها من باب الإمارة الخلفي في الكوفة وقد دخلت في فرقة مقاتلة فقال الشاعر يهجو الحجاج: أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامةٌ فتخاء تنفر من صفير الصافرِ هلاّ برزت إلى غزالةَ في الوغى أم كان قلبك في جناحي طائرِ ورئيسة وزراء بريطانيا تاتشر كانت امرأة حديدية حتى إنها هي التي حررت جزر بريطانيا المحتلة وكانت أصغر وزيرة في حكومة تشرشل وكان يقول عنها: ليس في الوزراء رجل إلا تاتشر، وقرأت مذكرات جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل فإذا هي تتحدث عن انتصاراتها وهزائمها بشكل عجيب حتى يقول الشيخ محمد الغزالي: من الذي يقول أنّ المرأة ضعيفة دائماً وهاهي جولدا مائير تهزم كل الدول العربية مجتمعة في حرب حزيران كما قال نزار قباني: أدمتْ سياط حزيرانٍ ظهورهموا فأدمنوها وباسوا كفَّ من ضربا وذكر الشيخ علي الطنطاوي في مذكراته وقد كان قاضياً في الشام أن امرأةً دخلت مع زوجها عليه وكانت شجاعةً مهيبةً صارمة وكان زوجها جباناً رعديداً فاشلاً فاختصمت معه ثم سبّته ثم طلّقته في المحكمة، وكان الشيخ محمد أبو زهرة العالم الكبير في مصر آية في الدعابة وخفّة الروح وسرعة البديهة قام يلقي محاضرة في النساء فقامت امرأةٌ وسط المحاضرة وقاطعته وكانت بدينةً سمينة فقالت: يا شيخ رفقاً بنا ففي الحديث: «رفقاً بالقوارير»، فقال هو مباشرة: نعم قال: «رفقاً بالقوارير»، ولم يقل: رفقاً بالبراميل، وحدّثنا أحد المشايخ أن رجلاً دخل على أحد العلماء الكبار وكان الرجل نحيفاً ضعيفاً هزيلاً قصيراً وشكى من ظلم زوجته ومن سلاطتها وربما أنها تمد يدها عليه (يعني تضربه) فأمره الشيخ بالصبر والحلم والأناة فأخبره أن صبره قد انتهى فأشار عليه الشيخ بفراقها إذا تعذّرت الحياة فقال الرجل: ولكن يا شيخ أحبها بل أعشقها ولا استطيع فراقها، فاتصل بها الشيخ ودعاها للحضور في يوم آخر قال شاهد العيان: فحضرت المرأة وكانت متحجّبة وكانت طويلة بدينة كأنها دبابة روسية مصفّحة أو كاسحة ألغام أمريكية وبدأت تتحدث عن زوجها بغلظة وفظاظة لها زئير كزئير الأسد وفحيح كفحيح الحيّة وصار أمامها كأنه القط فوعظهما الشيخ وأمرهما بحسن العشرة والرفق وخرجت المرأة وزوجها معها مرةً يقفز أمامها ومرة يمشي خلفها، وحدّثنا أحد الأعيان أنه في إحدى محافظات المملكة كان بجوارهم رجلٌ ضعيف الشخصية وكان هزيلاً نحيلاً وله امرأة لها صولة وجولة ولها مزرعة فكلما اختلفا واشتدّ النزاع قامت المرأة فطرحت زوجها أرضاً وضربته أبقاسا ولكمته عدة لكمات وربما بركت على صدره وأعطته كفوفاً على خده قال جارهم: ومرةً سمعنا الصوت والشجار فدخلنا مزرعتهما فوجدنا المرأة قد وضعت زوجها على ظهره وبركت على صدره تلطمه قال: فانقذناه منها وجبراً لخاطره وستراً عليه أخذنا نقول له: اتقِ الله يا فلان هذه المرأة الضعيفة لا يجوز لك أن تمد يدك عليها قال: فصدّق الرجل وتشجّع وأخذ يقول: والله لولا أنني أؤدبها لطاشت عليّ ولولا حزمي معها لخرجت عن طاعتي فعجبنا من جبنه وحُمقه وغبائه، وعرفنا رجلاً في الخمسين من عمره أدخل الله في قلبه الرعب من زوجته فكان لا يخرج من البيت ولا يسافر ولا يدعو أحداً ولا يبيع ولا يشتري إلا بإذنها وإذا اتصلت أجابها وهو وجل خائف مرتبك ولو كان في اجتماع أو مجلس، وكانت تهدده وتغلظ له القول فيترفّق بها ويقسم لها الأيمان المغلّظة ويكرر عفواً يا أم فلان عفواً يا أم فلان، والعشرة الطيبة واجب شرعي وحسن الخلُق بين الزوجين حقٌ لازم لكن أن يظلم أحدهم الآخر ويقهره ويستبد به ويرهبه ويدخل الرعب في قلبه فهذا الذي لا يجوز وشاهدتُ بعض البرامج الاجتماعية والمقالات الصحفية تتحدث عن نساء قاسيات يضربن أزواجهن بعنف وهذا يدلك على أن الظلم والقهر قد يحصل من أحد الطرفين على الآخر وليس من طرف بعينه، وفي مدينة جِدّه حصل اصطدام سيارتين وكان في إحداهما رجلٌ وزوجته وكان الرجل جباناً فتلاسنا وتسابا مع صاحب السيارة الأخرى ثم ترجّل كلٌ منهما من سيارتهما واشتبكا بالأيدي فغلبه الرجل الآخر وضربه فخرجت زوجة المضروب وتقدّمت ببسالة وقوة ونزعت حذاءها من رجلها وأخذت تضرب ضارب زوجها أمام الناس على رأسه وجسمه فانهزم أمامها وأنقذت زوجها بإذن الله وهذه من فوائد اصطحاب الزوجة معك في السيارة أو في السفر حتى العسكر يخافون من المرأة لأنه إن نهرها وأغلظ عليها فمشكلة وسوف يكون مداناً من الرأي العام وإن سكت لها وأغلظت له وأهانته فمشكلة والسلامة لا يعدلها شيء، وفي فرنسا كُتبت لوحتان في مكان عام كُتب على إحداهما: يقف هنا الذي يطيع زوجته وكُتب على الأخرى يقف هنا الذي تطيعه زوجته، فوقف الكل أمام اللوحة المكتوب عليها الذي يطيع زوجته، ووقف رجل واحد فقط أمام اللوحة المكتوب عليها: الذي تطيعه زوجته، فسألوه ما السبب في أن يقف وحده خلاف الجميع أمام هذه اللوحة فقال: لأن زوجتي أمرتني أن أقف هنا، وفي إحدى مناطقنا امرأة لها مزرعة وكانت صارمةً شجاعة آيةً في الإقدام والبسالة فدخلت مزرعتها غنم جارها عدة مرات وحذّرته وأنذرته وفي الأخير أخذت غنمه كلها وباعتها في السوق وخصمت قيمة ما تلف من مزرعتها وأعادت بقية القيمة لجارها صاحب الغنم وصلح الحال ولم تنتطح عنزان، (وعلى طاري ضرب أحد الزوجين للآخر كلامي على متمّه) فإن من أفضل خصال الرجل أن لا يمد يده على زوجته كما قال القاضي شريح عن زوجته زينب: رأيت رجالاً يضربون نساءهم فشلّت يميني حين أضربُ زينبا وأنا ضد ضرب الرجل للمرأة وضرب المرأة للرجل.