النساء شقائق الرجال، وأمهات الأبطال، وملهمات العظماء، ومنجبات العلماء والزعماء، ولهن حقول التميز والإبداع في الأمومة والتربية والعلم والإصلاح، ولكن القول الصحيح من أقوال المحققين من العلماء أن المرأة لا تتولى الحكم في الإسلام كالملك والرئاسة وقيادة الجيش، وقد فطن لهذا الهدهد فأنكر على مملكة سبأ تولي المرأة حكم الدولة فقال: (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ)، فتعجب من أمر غريب غير معهود في عصره، ولهذا سلّمت بلقيس دولتها هدية لسليمان عليه السلام وأصابت في إسلامها وطاعتها، وتوليها ليس دليلاً على جواز تولي المرأة الحكم، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة"، لأن المرأة تغلب عليها الرحمة والشفقة والحنان والضعف والتردد والخوف، وتمر بظروف لا تسمح لها باتخاذ القرارات المصيرية الكبرى، ولما قادت أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم الجيش في وقعة الجمل هُزم جيشها وقُتل طلحة والزبير وغيرهما من الصحابة رضي الله عن الجميع، وندمت على خروجها بعد ذلك، ولما دبّرت زبيدة بنت جعفر زوجة هارون الرشيد أمر ابنها الأمين فشل وأخفق وضيّع الخلافة ثم قُتل وانتهى أمره، وتولت زنوبيا الزباء مملكة تدمر فسلّمت دولتها وقتلت نفسها بالسم وقالت: (بيدي لا بيد عمرو)، وأدارت أم عبدالله الصغير آخر ملوك الأندلس أمر ابنها فضيّع الملك وأخذت تسبه وتهجوه بقولها: ابكِ مثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجالِ وشجرة الدر ورّطت نفسها والدولة في مؤامرات ومغامرات واغتيالات حتى ذهبت وذهبت الدولة معها على حد قول الشاعر: لقد ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت ولا رجع الحمارُ ومن ضمن أسباب انتصار العرب على إسرائيل في معركة رمضان المجيدة وأكتوبر الفريدة أن (جولدا مائير) كانت على رأس الدولة وتحمّلت الخطأ مع وزيرها الهالك (موشى دايان)، أما من استدل بنجاح (تاتشر) رئيسة وزراء بريطانيا فلأنها ضمن حزب وحكومة ديمقراطية وليس القرار قرارها منفرداً ثم إنها ليست مسلمة حتى نستدل بعملها، والحقيقة أن المرأة لها ميادين تبرع فيها أكثر من الرجل حتى قال المتنبي عن أم سيف الدولة : ولو أن النساء كمن عرفنَا لفُضّلت النساء على الرجالِ وسُئل أحد علماء المسلمين وهو في الغرب: لماذا لا تتولى المرأة عندكم في الإسلام الحكم؟ فأجاب مازحاً: لأنه قد يُطلب منها اتخاذ قرار الحرب وهي في غرفة الولادة، وليس هذا تحجيماً للمرأة وبخساً لحقها وتقليلاً من شأنها؛ لكن الله الذي خلقها هو أعلم أين قوتها وضعفها، وأين نجاحها وإخفاقها، ولهذا سمعنا وقرأنا لكثير من فلاسفة ومفكري الغرب نعيهم لما وصل إليه حال المرأة عندهم لما تركت البيت والأمومة والرعاية والحضانة والتربية وتحولت إلى جندية على دبابة بجبال أفغانستان، وتركت بيتها وصارت طيارة تقصف بطائرة أف 16 البصرة والموصل والفلوجة والأنبار، وصارت تدبر في بعض دول العالم الانقلابات وتقود حرب الشوارع فضاع الأبناء وانهدم البيت وتفرقت الأسرة وماتت الأمومة واختل وضع المجتمع، لسنا ضد المرأة ولكننا معها ومن أنصارها وإنما نعبر عن فهم الشريعة الإسلامية لطبيعة المرأة وتكوينها ونحمد الله على أن هذه الشريعة أنجبت العظيمات والعالمات والرائدات والمصلحات من أمثال أمهات المؤمنين وبنات سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وقد جعل الله في كتابه آسية امرأة فرعون مثلاً للمؤمنين وقدوة للصالحين، وأثنى على مريم ومدحها وزكاها، وحيا الرسول صلى الله عليه وسلم أم سُليم الأنصارية وبشرها بقصر في الجنة، وعاش الرسول صلى الله عليه وسلم مع المرأة ابناً باراً وأباً رحيماً وزوجاً كريماً ومعلماً عظيماً، ولم يحصل في تاريخ الإسلام أن امرأة مؤمنة صادقة شكت من هضم حقها في الإسلام أو إلغاء دورها في الحياة من قبل الدين .