زميل عزيز يستشيرني: "مكتبي يكتظ بزملائي في العمل وأصدقاء من خارج العمل، وهناك مراجعون يتعمدون الجلوس حتى بعد إنجاز معاملاتهم.. القانون يرفض أن أمنعهم من الدخول، والعادات والتقاليد تمنعني أن أطلب منهم الخروج.. ماذا أفعل؛ أحيانا يعيقون دورة العمل"؟! قلت له: المشكلة لديك في عدد الكراسي! أجابني: ماذا تقصد؟ قلت: الحل بسيط جدا.. أخرج "طقم الكنب" وبقية الكراسي من مكتبك.. ولا تترك سوى كرسيين فقط أمام طاولتك.. وضع في طرف المكتب طاولة للاجتماعات، وسترى النتيجة! قابلته بعد فترة وسألته عن التجربة فقال: "صاروا يجلسون على طاولة الاجتماعات"! أيقنت أن المشكلة مستفحلة.. اقترحت عليه أن يحضر لهم "ورقة بلوت"! كثيرة هي الأشياء عسيرة الهضم.. منها أن تدخل على مسؤول ما، وتجد مكتبه يكتظ بالبشر والحكايات، "شاي وقهوة وسوالف وتويتر وفيسبوك.. كأنك في أحد مقاهي الكورنيش"! لا تذهب بعيدا؛ تأمل حال مكاتب الكثير من المسؤولين، تجد "أطقم الكنب الفاخرة" تستدير بشكل كامل على جدران المكتب، وكأنك في محل مفروشات! ونسأل بعد ذلك عن السبب في تعطيل دورة العمل؟ بل تأمل مكتب مدير المدرسة التي يدرس فيها ابنك هذا الصباح.. مقاعد جلدية وثيرة من كل لون، ويمتلئ المكتب بالمعلمين وبعض أولياء الأمور، ل"الدردشة"! المكاتب وضعت للعمل.. ما زلت أتذكر عبارة بالغة الروعة معلقة في أحد المكاتب بشكل بارز تقول: "صديقي.. المكتب مكان للعمل.. مكانك في القلب".. الوقت ليس ملكا لنا حتى نضيعه في الحوارات الفارغة، الوقت ملك للناس.. والمكاتب الحكومية وضعت للتيسير على الناس وليست "مقاهي مصغرة"!