لم يعد خافياً أن استئناف الحرب على غزة له أبعاد سياسية تخص نتنياهو وحده، فرئيس وزراء إسرائيل جعل من الحرب خياراً لتفادي السقوط السياسي المتوقع حال انتهاء الحرب على غزة، وبداية المساءلات التي ستعصف بحاضره ومستقبله السياسي بنسب تكاد تكون مؤكدة، والحل لإبعاد هذا الشبح عنه آثر نتنياهو اللجوء إلى خيار عودة الحرب متذرعاً بقضية الأسرى التي كانت تسير ضمن جدولها الزمني، ولم يكن هناك داعٍ لاستئناف الحرب بكل هذا العنفوان الذي أودى بحياة المئات من المدنيين. حتى إن صحيفة هآرتس الإسرائيلية، قالت: «لا يوجد أي مبرر لاستئناف إسرائيل الحرب على غزة»، مؤكدة أنها «حرب مدفوعة بأهداف سياسية». المملكة أعربت عن إدانتها واستنكارها بأشد العبارات استنئاف «قوات الاحتلال الإسرائيلية العدوان على قطاع غزة، وقصفها المباشر على مناطق مأهولة بالمدنيين العزّل، دون أدنى اعتبار للقانون الدولي الإنساني». وشددت المملكة، في بيان على أهمية «الوقف الفوري للقتل والعنف والدمار الإسرائيلي، وحماية المدنيين الفلسطينيين من آلة الحرب الإسرائيلية الجائرة»، كما أكدت أهمية «اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته بالتدخل الفوري لوضع حد لهذه الجرائم، وإنهاء المعاناة الإنسانية القاسية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق». العالم ينشد السلام وتجنب الأزمات، وتبرز المملكة كشريك محايد موثوق لإرساء السلام بأدوار مهمة تؤكد ثقلها في المجتمع الدولي ومكانتها المرموقة التي كسبت بها ثقة دول العالم، ومن ذلك الأدوار التي قامت بها للمساهمة في إرساء أسس متينة لوقف الحرب الروسية الأوكرانية باستضافتها للاجتماعات الأميركية الأوكرانية، كما أنها ستستضيف محادثات روسية أميركية الاثنين المقبل في الشأن ذاته كما أعلنت روسيا يوم الخميس، وسيبحث مسؤولون روس وأميركيون ملف أوكرانيا. السلام ليس مطلباً دولياً بقدر ما هو حاجة ماسة، وما يحدث في غزة مأساة إنسانية بكل المقاييس، ولا يمكن أن يستمر والمجتمع الدولي لا يحرك ساكناً، فالسكوت عن تلك المأساة قد يؤدي إلى مآسٍ أخرى أكبر فداحة.