ذكرت لي إحدى الزميلات المبتعثات للدراسة بالغرب عن أن المشرفة الأكاديمية على دراستها في الخارج لديها معلومات عن عوامل الخطورة التي تهدد الصحة العامة بالسعودية، حيث ذكرت لها ما اطََلعت عليه المشرفة من ارتفاع في معدلات حوادث السيارات بالمملكة مقارنة بدول العالم. وبصرف النظر عن اهتمامات السيدة الأكاديمية التي قد لا تكون من اهتمامات مواطنتي ذاتها...!، إلا أن تلك المشرفة قد وضعت يدها بل وحركت فكرها وفكر زميلتي تجاه وباء عادةً ما يُسمى "بالوباء المُهمل". في الحقيقة أنه لا غرابة في ذلك، فإنه وحسب (التقرير الدولي عن السلامة على الطريق) والمنشور من قبل منظمة الصحة العالمية للعام 2009م، قد كان ترتيب المملكة في المرتبة الأربعين ضمن قائمة ال 178 دولة التي يتم حساب معدلات الحوادث فيها، أي في الربع الأول من القائمة....!. حينها تحركت في داخلي رغبة البحث، وكان الدافع الرئيسي لفكرة البحث هو سببين أولهما الفضول العلمي وثانيها، تحسباً لنفس المأزق الذي تعرضت له مواطنتي في الخارج. قد تقول عزيزي القارئ ما الفائدة من تلك المقدمة، وماذا يعني هذا كله، فنحن نعي أن سلسلة السلامة على الطرق تتكوَّن من ثلاث حلقات، هي الإنسان والطريق والسيارة. أي أن هناك سلسلة مترابطة للحفاظ على السلامة في الطريق. وندرك أن نحو 85 – 90% من الحوادث المرورية في العالم تقع نتيجة أخطاء بشرية، أي نتيجة سلوكيات غير صحيحة ارتكبها السائق عن قصد أو عن غير قصد. وأن معظم الإصابات والوفيات تطال غالباَ فئة الشباب الذين هم دون الثلاثين. ونعرف أن كل من منطقتي الرياض ومكة المكرمة تأتيان على رأس قائمة المناطق في معدلات الحوادث المرورية بالمملكة. ولكن المعرفة والوعي وحدهما لا يكفيان دون الالتزام بأساسيات السلامة على الطريق. ومن باب الشيء بالشيء يُذكر، وددت الإشارة إلى ما نُشر في المجلة الصحية لإقليم شرق المتوسط من نتائج دراسة مسحية تحت عنوان (معارف السائقين بالقواعد المنظِّمة للمرور وسلوكهم في المنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية 2007)، والذي أوضحت نتائجها ارتفاعاً في معدلات عدم التزام السائقين السعوديين بأساسيات السلامة. بل وعند مقارنتهم بغير السعوديين قد أوضحت النتائج أن لدى السعوديون عوامل خطورة في سلوكيات القيادة تفوق أمثالهم من غير السعوديين. والسؤال المطروح هنا؛ هل سنظل نُلقي باللوم والاتهام على السائقين الأجانب...؟! أم أنه سيكون لنا دورًا أكثر إيجابية...؟! وما هو دورنا يا ترى...؟!. أعتقد أن دورنا ينحصر في الحلقة الأولى من سلسلة السلامة على الطريق، والتي تتضمن الالتزام بتطبيق أنظمة المرور مثل ربط حزام الأمان ونظام عدم استخدام اليدين للرد على الهاتف الجوال وأعتقد أن الالتزام بتلك الأمور أصبح سهلا خاصة مع توفر تقنيات البلوتوث والسماعات الخارجية. وعلينا نحن أفراداً كنا أو مجتمعات أن نتعاون لإنجاح تطبيق نظام "ساهر" أو أي نظام مروري آخر، ولا شك في أننا سنجني ثمرة ذلك التعاون بالسلامة على الطريق والحماية للأرواح والممتلكات. اخيراً: أتمنى أن نتعرف أكثر على العوامل التي تهدد صحتنا العامة سواء كانت عوامل بشرية أو بيئية قبل أن نُصدم بمعرفة الغير عنا أكثر منا...! *إستشارية طب المجتمع.