لن أتطرق بالحديث عن البرامج الصحية ولا عن الأمراض ولا البحوث كما عودتكم في مقالاتي السابقة. كما أنني لا أحب النظر للأمور بنظرة تشاؤمية ولن أنقلكم سيداتي وسادتي إلى جو الإحباط وخيبة الأمل التي عشتها على مدى أسبوع كامل وأعيشها حتى وقت كتابة هذا المقال. ولكن لا أخفيكم ما سيطر علي من قلق وتوجس على مستقبل مجتمعنا، بعدما شاهدت استطلاع رأي على إحدى المواقع الإلكترونية لإحدى الصحف المحلية في شأن قرار السماح للفتيات والسيدات السعوديات بالعمل كعاملات منزليات. وأصبحت أتساءل؛ هل ما وصلنا إليه من تخبط في قرارات سوق العمل هو حصاد لسوء التخطيط؟ وهل فشلنا في محو أمية الفتاة والمرأة حتى وصلنا لدرجة أن نجز بها بالعمل في مثل هذا السوق؟ أم أنني قد تعاطفت مع بنات جنسي وأبيت لهن القيام بمثل تلك المهن؟ فأنا والعياذ بالله لا أريد التقليل هنا من شأن هذه المهنة، فكل المهن والأعمال كريمةٌ مباركة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو؛ هل عجزت جامعاتنا وأوساطنا العلمية عن إخراج مواطنات صالحات لسوق العمل؟ أم عجزت الشؤون الإجتماعية والجمعيات الخيرية عن معرفة أسباب الفقروأخفقت في طرح وتنفيذ حلول وخطط لمعضلة الفقرالتي تؤثرسلباً على صحة واقتصاد الوطن. أم أن هناك سوء توزيع لزكاة المال وعدم معرفة لمستحقيها...!. أم أن الأجهزة المسؤولة عن دراسة سوق العمل لم تستطع استقراء الفشل الناجم عن السماح للشباب السعودي بالعمل كسائقين لدى الأسر السعودية....! بل وتريد الخوض في تجربة مشابهة هي في تقديري تجربة خاسرة. سيداتي سادتي؛ إن تجارب الدول الصناعية المتقدمة قد أثبتت مدى نجاح المرأة في شتى مجالات العمل الفنية منها خاصة ، والتي تحتاج إلى مهارات دقيقة كالطب والتمريض والصيدلة والسكرتارية والمهن الدقيقة الأخرى. إن فكرة عمل المرأة في تلك الصناعة وإيجاد فرص عمل لها في مثل تلك المهن هو من الأحرى أن تتم دراسته واستطلاع الرأي فيه بدلاً من اجراء استفتاء عن عمل المرأة السعودية كعاملة منزلية. ويمكن علمياً وتطبيقياً أن نلتمس العذر لمتخذي مثل تلك القرارات في حالتين فقط: الأولى؛ إذا أصدرت تلك القرارات بناءً على أدلة وبراهين تؤكد نجاحها في الدول المتقدمة (والتي أشك في وجود أي منها) والحالة الثانية؛ هي إذا كان هناك حاجة ماسة للعمل في مثل تلك المهن بدلاً من تركها للتسول ومد يد الحاجة. وعدا ذلك فإني لا أجد أي مبرر لطرح مثل تلك الأفكار أوتنفيذ مثل تلك القرارات. أخيرا؛ أعتقد أن جل مشكلاتنا تكمن في ترتيب أولوياتنا وعدم وضوح أهدافنا. بل وأننا كمجتمعات عربية نعمل في الغالب لإطفاء الحرائق بدلاً من الوقاية منها. فنحن "نكافح الفقروالبطالة " من خلال العاملات المنزليات السعوديات دون النظر في توفير فرص عمل أخرى مناسبة للسيدات السعوديات بحيث تضمن لهن حياة كريمة. ودمتم في تقدم وعافية. *رئيسة قسم تثقيف المرضى وعائلاتهم بمستشفى المساعدية للولادة والأطفال *إستشارية طب المجتمع