التوغل الأوكراني فشل في تحويل تركيز بوتن بعيدا عن شرقها    70 طفلا مفقودا إثر حريق مدرسة بكينيا    الحرمان من التعليم يهدد بأضرار طويلة الأمد لأطفال غزة    26 قتيلاً على الأقل جراء إعصار ياغي «المدمر» في فيتنام والفلبين والصين    القيادة تهنئ الرئيس البرازيلي    تحت رعاية ولي العهد.. الثقافة تكرم الروّاد المبدعين    بيش تحتفل بانطلاق فعاليات الخريف    أمير الشرقية يرعى مؤتمراً دولياً عن مستجدات السكري    بتوجيه من القيادة.. وزير الداخلية يصل القاهرة في زيارة رسمية    الخريف يبحث تعزيز التعاون الصناعي مع مسؤولين حكوميين في هونغ كونغ    الاخضر يواصل تحضيراته لمواجهة الصين    منتخب الجزائر يعلن عن إصابة رياض محرز وحسام عوار    جماهير أيرلندا تستهدف ثنائي منتخب إنجلترا رايس وجريليش في دوري أمم أوروبا    240 محطة لقياس جودة الهواء    بمشاركة 25 دولة.. السعودية تنظّم أول نسخة عالمية من أولمبياد «IAIO».. غداً    غدا.. انطلاق أولى فعاليات مسار الأدب والثقافة والتراث في غرفة الخرج    رابطةُ العالم الإسلامي تُثمّن جهود مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان»    العلامات الدقيقة للسرطان لم تعد مخفية    حرس الحدود في ظهران الجنوب يحبط تهريب (13) كجم "حشيش"    غدا.. مؤتمر صحفي حول حفل روائع الأوركسترا السعودية في لندن    حرس الحدود بالمدينة المنورة يقدم المساعدة لبحار تعرض لأزمة صحية    تقسيمة مصغرة بتدريبات الصقور    استشاري سمنة ل «الرياض» : نسبة نجاح عمليات التكميم أعلى من المرارة!    برعاية أمير المدينة.. جامعة طيبة تنظم المؤتمر الدولي الرابع لمستجدات التأهيل الطبي..غداً    مذكرة تفاهم تجمع وزارة الاستثمار والصناعات العسكرية وشركة إليترونيكا الإيطالية    شرطة الرياض تقبض على سوداني اعتدى على زوجته ما أدى لوفاتها    زحل يتقابل مع الشمس .. غدا    البرلمان يستدعي نائب هاريس.. وترمب في ويسكونسن لكسب التأييد    فرص تعليمية ل 176 طالبا وطالبة غير سعوديين بجامعة الملك فيصل    توقّيع عقدا لمشروع صيانة طرق وشوارع بالبدائع    «يذرف دماً بدلاً من الدموع».. طفل يحير الأطباء!    مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري يعقد لقاءً إعلاميًا لإعلان أسماء الفائزين    د. مصلح الحارثي يشكر القيادة على تجدد الثقة وتعيينه عضوا في الشورى    بيان من «الداخلية»: ضبط 22021 مخالفاً وترحيل 11242    لأول مرة في الشرق الأوسط.. المملكة تستضيف الاجتماع الدولي ال (38) للمبادرة العالمية للشُعب المرجانية (ICRI)    انخفاض سعر الروبل أمام العملات الرئيسية    غُروس الخيرية تحصد جائزة الشارقة للاتصال 2024م من بين (3815) جهة عربية وعالمية    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم دورة تدريبية في مبادئ الإسعافات الأولية    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم جولة دعوية في محافظة ضمد    الشؤون الإسلامية في جازان تطلق مبادرة تطوعية للعناية بكتاب الله في المساجد والجوامع ابتداء من محافظة الداير    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم مبادرة اطمئنان لزيارة المرضى المنومين في مستشفى صبيا العام    4000 ريال قيمة ترخيص تأجير اليخوت لأغراض سياحية    منتخب المملكة يتوج بميداليتين عالميتين في أولمبياد المعلوماتية الدولي    البيت الأبيض: بايدن سيستضيف ستارمر في 13 سبتمبر    "المسابقات" تقرّر إقامة دوري الدرجة الأولى للسيدات بمشاركة 9 أندية    «هيئة الاتصالات» تعقد النسخة الرابعة من منتدى التقنية الرقمية في أكتوبر المقبل    الإسبانية "باتريسيا" تعزّز صفوف سيدات الشباب    مصر تستهل تصفيات كأس أفريقيا بفوز كبير على الرأس الأخضر    اكتشاف 3 مستعمرات تكاثر لنسور غريفون الأوراسية المهددة بالانقراض    الديوان الملكي: وفاة الأمير عبد الله بن تركي بن عبد العزيز بن عبد الله بن تركي آل سعود    الرياض: 900 مخالفة في مشاريع البنية التحتية    خطيب المسجد النبوي: الناس يتفاوتون في تحمّل صدمة وفاجعة وفاة قريب على قدر إيمانهم    خطيب المسجد الحرام: مِنْ ظُلْمِ العبد لنفسه أن يجد لنفسه عذراً في كل شيء    الوطن أولاً    السعودية تستضيف المنتدى الإقليمي العاشر للاتحاد الدولي لصون الطبيعة لدول غرب آسيا    ولي العهد يؤدي صلاة الميت على الأميرة لطيفة بنت عبدالعزيز    رحيل عبدالله رضوان… الإنسان    رفعوا الشكر لخادم الحرمين وولي العهد ونوهوا بالنهضة الكبيرة.. قيادات الشورى: الثقة الكريمة وسام سامق وحافز لمسيرة التقدم لبلادنا العزيزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما أحد طلب رأيك
نشر في عكاظ يوم 26 - 07 - 2024

كان أحدُ الدهاة القرويّين إذا توفّرت لديه فكرة، أو انقدح في ذهنه مُقترح يستحق التمرير، لا يمرره بنفسه في اجتماع الأهالي، بل يتحرى وقتاً مناسباً، قبل اجتماع شيخ القبيلة أو العريفة بالجماعة، ثم ينفرد بكبير القوم، ويطرح عليه المقترح، ويطلب منه عدم الإفصاح عن اسمه، وعندما يعاتبه البعض ممن يعرفون قدراته، كونه يتبرع للشيخ بأفكار مجانية، يردّ: تجيء من الشيخ أحسن؛ لأن الجميع يستحسنها، وما يهمني هو اعتماد وتبني فكرتي، ولو لم تُنسب لي.
وبحكم ما أولتنا دولتنا السعودية من عناية ورعاية، وتأهيل علمي ومعرفي، وما هيأت لنا من سُبل العيش الكريم، نشعر جميعاً بقدرتنا على إبداء الرأي في كل قضية، مهما بلغت درجة حساسيتها (اجتماعية، أو ثقافية، أو اقتصادية وبقية القضايا)، ولا ننتبه أن رأينا ليس رأي خبير متخصص، ولا مُستشار ضليع، إذ لا يعدو ما نقوله ردّات فعل تمثّل الرأي الانطباعي، أو الأوّلي، رأي من لم يبخص الأمور، ويدرك أبعادها.
هناك قانون أخلاقي (غير مُعلن) يفرضه الانتماء والولاء، مفاده (لا يتحوّل رأيك إلى وجاهة استعراضية، ومزايدة على صاحب الشأن)، فالآراء لها أدبيات، ولن يفرض عليك أحد أن تقول رأياً يترتّب عليه مؤاخذة، أو محاسبة، وهنا يأتي دور الوعي الذي يضع الثقة بالنفس في إطارها الموضوعي، ويُلغي فكرة الميانة على المؤسسة؛ لأنها لربما لو احتاجت إلى رأيك، لما بادرتها به، وربما تتقشف، والرأي ربما كان له قيمة، إلا أنه لا يترتّب عليه مصلحة، بل ربما كان مدعاة لمفسدة، وهنا يُفضّل اعتماد النسبة والتناسب، والتفكير جيّداً في كيف تقوله ولمن ومتى؟
يكفي القارئ للواقع أن يقول رأياً في مجلس عام، ثم يرصد ردود أفعال الواثقين من آرائهم، وكما يقال (لا أحد يتحاقر رأيه، أو يستصغر عقله، أو يستهين بقدارته)، وقلّ ما تجتمع آراء الناس على قضيّة واحدة بتوافق، ووسائل التواصل شاهدة على إطلاق عنان الآراء، علماً أنها لم توضع لتوظيفها في توجيه المؤسسات؛ لأن لكل مؤسسة إطار يحكمها، ونظام يتحكّم في فريقها، و المؤكد أن ما يدركه ويعيه ويؤمن به المنتمي للمؤسسة أو المنظومة لا يدركه كل فرد، ما يجعل الرأي والرؤية قاصرين عن إدراك المصلحة الأعم والأشمل.
وبحكم أن المؤسسية ظاهرة اجتماعية حديثة، ترتبط بفضائها الاجتماعي، وتعمل وفق منظومة تحفظ الحقوق، وتضبط الواجبات، فالبعض يعمل باتجاه معاكس للمؤسسيّة، وبفرديّة ربما تؤذيه، فهو لا يعلم أن لدى الحكومات جهات استشارية، كذلك الشركات، وربما العائلات أيضاً، أو يُفترض أن لكل جهة مستشاروها، وقديماً قال القرويون: (من لا شوير له، شويره الشيطان)؛ لذا شاعت مقولة (لا خاب من استشار)، فالمستشارون المتخصصون متوفرون.
ربما لدى البعض قدرات حقيقية، هناك عقليات تولّد أفكاراً خلاقة، وإذا كان يترتب على طرح ما لديهم منفعة (مصلحة) فالطرح يحتاج آلية، والآلية تحتاج لغة، واللغة تحتاج أدباً، والأمر كله يقتضي أن يكون صاحب الرأي متواضعاً ومُهذّباً، ولا يُفرِطُ في ثقته بنفسه، ولا ينسى أن من آفات العصور إعجابُ كل ذي رأي برأيه.
إن طُلب منك رأي، وكان جديراً بالتبني ستجدُ من يتبناه، وإن لم يُطلب فبقاؤه في دماغك أو نفسك سينتج المزيد من الأفكار المطوّرة للذات، وبعض الآراء لو صحّت في مضمونها، فلعله لا يصح توقيتها، أو طريقة إبدائها، أو أن إعلانها حرقٌ لها قبل حلول مرحلتها.
من يحتاج رأيك ويطلبه، فأنت حينها مؤتمن أمام الله والوطن، في إبداء الرأي النافع المراعي للصالح العام، أما في حال توفّر رأي لكنه لم يطلب منك، فأنت مأجور على توفيره والاحتفاظ به، كونه ربما كان في إبدائه إرباكاً أو إحراجاً أو استعراضاً أو ادعاءً لمعرفة.
هناك آراء مُحبّبة بقدر محبة أصحابها، وهناك آراء مرفوضة مُسبقاً لأسباب ربما تكون وجيهة وربما تكون موجهة، وكل رأي من الحبيب حبيبُ، وفي زمن المأسسة هناك مكاتب وإدارات مختصة بدراسة القرارات وفحصها واقتراح التوصيات بحيادية، دون مجافاة ولا محاباة، ولا يجوز أن يتصوّر صاحب رأي أن الدنيا ستخرب إن لم يؤخذ برأيه، ولا يعتقد أن الأيام سيطالها البؤس؛ لأنّ أحداً لم يعر رأيه انتباهاً، كما أن رأيه ليس وحياً مقدساً جالباً للنعيم والرفاهية.
قال شاعر شعبي خبير: (يا رفيقي لا تفيّض هرجك إلا وسط سوقه، والصنايع سوّها ف الطيبين من الرجال). ولو قال قائل عقب انتهائه من قراءة هذا المقال (ما أحد طلب رأيك)، سأقولُ فوراً: أنا آسف، والعتاب على رأي لم أقله، أخفُّ على نفسي من عتاب على رأي قلته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.