السجادة الخضراء الداكنة في المنزل. والمخرج المتملق، مهني، يعاني من الأكزيما، وكاحلين متورمين، يمر على قائمة التكاليف، و كأنني كنت أشتري مجموعة من أثاث غرف النوم بالدين. سلمني ظرفا يحوي الخاتم الذي كان يرتديه أبي عندما مات. بتراخ أضع الخاتم في إصبعي (...)
وبمضي السنين، بدأ عمله التجاري بالتراجع. العمل نفسه لم يكن يسوء، و لكنها طبيعة العمل: في ذاك الوقت تحديدا، في ذاك المكان تحديدا، لم يكن من الممكن النجاة. المدن كانت تتهاوى، وبدا أن لا أحد يهتم. ما كان مرة نشاطا مرضِيا، أقل أو أكثر، لأبي، صار الآن (...)
في السنوات الأخيرة من حياته، تغير هذا على نحو طفيف. ربما أن العودة لحياة العازب مرة أخرى قد سببت له صدمة: أدرك أن عليه أن يكون مقبول المظهر إذا أراد أن تكون له حياة اجتماعية من أي نوع. و ما كان أنه خرج و ابتاع ملابس ثمينة، و لكن الجو الذي كانت عليه (...)
مبكرا في الاستيقاظ كل صباح، متأخرا عن المنزل في الليل، وبينهما، العمل، لا شيء سوى العمل. العمل كان اسم البلدة التي عاش فيها، وكان واحدا من وطنييها العظماء. ذلك لتفادي القول بأن العمل، مع ذلك، كان متعة له. عمل جاهدا لأنه أراد الحصول على أكبر قدر متاح (...)
لكونه الصبي الأصغر، كان والدي الأكثر وفاء بين الأشقاء الأربعة وكان أيضا الأقل احتراما من قبل الآخرين. تولى الأعمال الأصعب، كان الأكثر سخاء على أبناء وبنات أخته وإخوته، رغم ذلك لم تكن تلك الأمور ملحوظة بشكل كامل، وقد نالت القليل من التقدير، تتذكر أمي (...)
شهود آخرون من ضمنهم الطفلان الكبيران، كل واحد منهما قام بتأريخ مشكلات العائلة المنزلية، قيل الكثير عن فاني، و عن المشاحنات المتكررة في البيت، «قال بأن للسيد أوستر عادة رمي الصحون وأواني الزجاج حتى أنه في إحدى المرات جرحت ذراع أمه بشكل سيىء للغاية (...)
اليوم الثاني كان استجواب هيئة التحقيق. عمي، كونه الشاهد الوحيد على الحادثة، تم استدعاؤه ليدلي بشهادته. "صبي صغير بعينين حزينتين، يدير باضطراب قبعة رأسه، كتب الفصل الثاني من لغز مقتل السيد أوستر عصر الجمعة.. محاولاته لإنقاذ اسم العائلة كانت بشكل (...)
مقالات الصحف تقبع على مكتبي. والآن، لأن وقت الكتابة عنها قد حان؛ أجدني مندهشا من نفسي إذ أنشغل بأي أمر أستطيعه لأؤجل الكتابة. ماطلت الصباح كله. أخذت القمامة إلى حاوية النفايات. لعبت مع دانيال في ساحة المنزل لساعة تقريبا. قرأت جريدة هذا اليوم بأكملها (...)
كينوشا، ويسكونسون، 1911 أو 1912، لم يكن حتى واثقا من التاريخ. في فوضى عائلة كبيرة مهاجرة، لا تعتبر سجلات الولادة أمرا ملحا للغاية. ما يهم هو أنه الخامس من بين خمسة أطفال ناجين -فتاة وأربعة صبية، ولدوا جميعا خلال ثماني سنوات- وتلك هي أمه، ضئيلة، (...)
عزلة، لكن ليست بمغنى أن تكون وحيدا. ليست على طريقة ثورو، مثلا، نفى نفسه ليدرك أين كان؛ ليست عزلة على طريقة يونس، يصلي للخلاص في بطن الحوت. عزلة بمغزى التخلي. بمعنى ألا يضطر للنظر إلى نفسه، ليس عليه أن ينظر إلى نفسه منظورا له من قبل أي أحد آخر.
كان (...)
الحلقة الأولى
في أحد الأيام، يحدث أن تكون هنالك حياة. رجل مثلا في أفضل صحة، ليس مسنا حتى، وبلا تاريخ مع المرض. يبدو كل شيء له كما كان، وكما سيكون دوما. يمضي من يوم إلى آخر، معتنيا بشؤونه الخاصة، حالما فقط بالحياة الممتدة أمامه. وحينها، بغتة، يحدث أن (...)
كانت نيويورك فضاء يستحيل اختراقه، متاهة من خطوات لا نهاية لها، وأياً كان المدى الذي ذهب اليه او كانت اجادته معرفة الأحياء والشوارع، فإنها كانت تتركه دائماً بشعور بأنه قد ضل الطريق. ضل الطريق لا في المدينة وحدها، وإنما في داخل ذاته كذلك. وفي كل مرة (...)