للعام الثاني على التوالي اشتعلت النيران مجددا في مقر النادي الأدبي بالجوف بفعل مجهولين كما حدث في المرة الأولى. النادي الذي يعد إحدى المؤسسات الثقافية الرسمية التابعة لوزارة الثقافة والإعلام تعرض لحريق كبير أدى إلى تدمير الكثير من مرافقه التي تم الانتهاء أخيرا من تأثيثها. الصدمة الأكبر على المثقفين عندما أفصح رئيس النادي إبراهيم الحميد عن تلقيه رسائل تهديد بالقتل والتصفية قبل الحادث بنصف ساعة بحسب بيان النادي الذي أورد أن رسالة الجوال نصت: "هل تعلم أن قتلك حلال بإذن الله خلال ساعات قليلة وراح تقتل كما قتل جارك حمود وربعه"، وفيما لم تفصح إدارة الدفاع المدني بالجوف عن الأسباب تصاعدت احتجاجات المثقفين والمثقفات ووصمت التطرف بالتهمة الرئيسية والانغلاق والتهجم على مرافق حكومية رسمية تعمل وفق منظومة حكومية ونظامية ومطالبة بالعقوبات الأقسى على المتسببين. التراخي في العقاب سبب التكرار من جهتها أكدت الكاتبة والشاعرة حليمة مظفر للعربية.نت أن "ما حصل في نادي الجوف مؤسف جدا خصوصا في تكراره بعد مرور عام وشهر". وأضافت "لاشك أن الفتوى الأخيرة ألقت بظلالها لكنه ولا شك ليست سببا مباشرا، ففي العام الماضي حدث نفس الأمر ولم تكن هناك فتوى، هؤلاء المتطرفون الذين يحملون مثل هذا الفكر الإرهابي والتجريمي والذي نال مؤسسة حكومية رسمية فهو عمل تخريبي إرهابي واضح". ومضت تقول "من الأسباب الحقيقية في تكرار الجريمة هو أنه لم نسمع رغم توقعاتنا بمحاسبة لمن تسبب في حدث العام الماضي حيث كان الفاعل مراهق مجرد وسيلة مغرر بها ولأنه لم يحصل الإمساك بمن وراءه ومعاقبتهم فقد تكرر الأمر لغياب العقوبة الرادعة وخصوصا لمن يشحنون أفكار المراهقين، مرور التجربة الماضية بشكل عابر سمح بالجراءة للمرة الثانية وبهذا الشكل المؤسف". مظفر التي كانت أحد أهم أسباب المحتجين على النادي في العام الماضي لاستضافتها حيث قدمت أمسيتها وسط حضور أمني غير مسبوق في المؤسسات الثقافية المماثلة، أوضحت الأسباب الحقيقية في نظرها بالقول "عملية المحاسبة كان يجب أن تتم بسرعة، وهذا ما تسبب في ذلك، مشكلة التعاطف مع هؤلاء المتحمسين وأنهم متدينين بشكل أكبر، أدى لما حدث". الخشية من تنامي التهديد وحذرت حليمة مظفر "أكثر ما نخشاه بصراحة ولا يستبعد أن تلقي هذه الحادثة بظلالها على بقية الأندية فتتعرض لها وقد يطال المثقفين والمثقفات الذين هم مواطنون قبل كل شيء ، ثم أن النادي يعمل وفق ضوابط وإشراف حكومي تابع للدولة فبالتالي فالنادي لم يرتكب مخالفة لأنظمة الدولة التي تخضعها للإشراف فهذه عمليه إرهابية تخريبية لمقدرات حكومية، لا بد من محاسبة شديدة لمن يقف خلف شحن المراهقين يجب البحث عن المجرمين الحقيقيين، المحاسبة هي الحل لمن يريد المس بالثقافة والوطن". واعتبرت أن هذا مؤشر بالغ الخطورة "فهؤلاء لا يجدي التعاطف معهم بل يجب معاقبتهم، وعن الفتوى الأخيرة فهي غير مهمة ولا أراها كذلك فهناك ومن قبله هناك من يؤمن بهذا الفكر وينشره ويسفه الآراء والتيارات وكل ما يتصل بالأخر ومن المؤسف أن بعضهم يمارسون التعليم في الجامعات". التيار المتشدد فقد توازنه من جانبه، أكد الكاتب بصحيفة الشرق الأوسط مشاري الذايدي أنه "يجب ألا تخيف مثل هذه الحركات أحد من المثقفين ولهم مطالبة الدولة بتحمل مسؤوليتها نحو كل من يمس الأمن والاستقرار فالدول يجب أن تكون طرف محايد بين تيارات المجتمع وتحقيق الاستقرار". واضاف "الوضع دليل على أن التيار المشدد في السعودية بدأ يفقد توازنه ويسعى للتغيير بالقوة والتهويل وحاولت قبل ذلك من خلال الاستقطاب والتوقيعات من مئات الأسماء وكذلك الخطب والتهويل للوقوف ضد أي حركة حوار أو تغيير في المجتمع فلما عجزت بدأت تعود لأساليب التكفير والتحريض بالقتل والأذى المادي المباشر". وأضاف "ما حصل هو ليس النهاية لمقدمات مثل حادثة مسرح اليمامة المعروفة ولن تكون النهاية وهذا شيء من ناحية أخرى على أن هناك حركة وحوار في المجتمع وأنه بدأ يتحور ويخرج عن تشددهم وأكثر ما يخشونه هم الحوار لأنه يكشفهم وهؤلاء لا يختلفون عن القاعديين فهي نفس الأساليب وهذا ليس سوى نوع من أنواع الإرهاب". تيار لا يقبل الحوار أما الباحث الشرعي عبدالله العلويط فيصف الوضع بأنه يعكس أن "الفرقاء توتروا حاليا من هؤلاء ومن هؤلاء وتوتر الوضع فهناك تفريغ شحنات وأتصور أن السبب تتعلق بالمناظرة الأخيرة التي ألغيت لأن التيار الذي يقف خلف ما حدث في النادي الأدبي في الجوف معروف أنه من التيار الذي لا يقبل الحوار والمناظرات". جذور يذكر أن الخسائر تجاوزت 200 ألف ريال، وهي نفس التكلفة تقريبا في الحريق السابق ويومها اعتبر الجناة ذلك رداً على سماح النادي بمشاركات نسائية في أنشطته الثقافية. وكان رئيس النادي الحميد تلقى حينها رسالة تهديد بالقتل عقب الإعلان عن ليلة شعرية قدمتها الشاعرة حليمة مظفر قبل عام. وهددته جماعة سمت نفسها "جماعة الصدع بالحق ضد نادي التغريب والإفساد" بسفك دمه "تقرباً إلى الله لإحضاره حليمة مظفر إلى الجوف". ويذكر أن التحقيقات في حريق الخيمة الثقافية السابق خلص إلى أن الجاني هو طالب في المدرسة المتوسطة تم تحريضه من قبل متشددين. وقال مسؤولو الدفاع المدني إنهم يحققون في الحريق الأخير لمعرفة ملابساته.