ألقت الأجهزة الأمنية في مدينة سكاكا القبض على المتسبب بحادثة إحراق خيمة نادي الجوف الثقافية، قبل نحو 4 أشهر، احتجاجاً على مشاركة الشاعرة حليمة مظفر في أمسية كان مقرراً إقامتها بمشاركة الشاعرين عبدالعزيز الشريف ومحمد الغامدي. وأوضح مصدر مطلع ل «الحياة» أن المتسبب بإحراق «أدبي الجوف» من الشبان المتدينين الذين حضروا أمسية حليمة مظفر بمشاركة الشاعرين نفسهما، حين تم إعادة إقامتها في مركز الأمير عبدالإله الحضاري في مدينة سكاكا قبل نحو شهر. وكشف أن الشاب الذي يدرس في المرحلة المتوسطة، اعترف أيضاً بمسؤوليته عن إحراق محل تسجيلات «أستريو» في ضاحية قارة (جنوبسكاكا) قبل أكثر من ستة أشهر، مشيراً إلى وجود أشخاص آخرين حرضوا الشاب على تنفيذ أفعاله. من جانبه، اكتفى الناطق الإعلامي باسم شرطة منطقة الجوف العقيد دامان الدرعان بالقول إن المؤشرات «إيجابية» في هذا الشأن، مؤكداً ل «الحياة» أن الشرطة ستعلن عن تفاصيل الحادثة فور الانتهاء من التحقيقات. وفي السياق ذاته، عبّر أحد المهتمين بالشأن الثقافي عن ارتياحه للقبض على متسبب الحريق، مشيداً بجهود رجال الأمن في الحرص على أمن وسلامة الجهات الثقافية والعاملين فيها. وطالب بمحاسبة المؤيدين والمحرضين لإحراق «أدبي الجوف»، وأضاف: «لا يتحمل فقط الشاب الصغير المغرر به مسؤولية إحراق «النادي»، بل حتى المحرضين الذين دفعوا هذا الشاب لارتكاب فعلته النكراء يجب مقاضاتهم». وكان رئيس «أدبي الجوف» إبراهيم الحميد تلقى أكثر من رسالة على هاتفه الجوال، تهدده بالقتل صراحة، فإحدى هذه الرسائل موقعة من جماعة تسمي نفسها «جماعة الصدع بالحق ضد نادي التغريب والإفساد»، مهددة الحميد بسفك دمه، «تقرباً إلى الله لإحضاره حليمة مظفر إلى الجوف». وشهدت أمسية «حليمة» حضور أكثر من 50 شخصاً متديناً يرافقهم نحو 20 من الشبان الصغار في السن، عملوا طوال الأمسية على إثارة الصخب والضوضاء بواسطة هواتفهم ورفع أصواتهم بالحديث وتحريك الكراسي بشكل مزعج، والسخرية من الشعراء. وكانت «الحياة» طرحت بعد حادثة إحراق «أدبي الجوف» تساؤلات عدة على مثقفين ومثقفات سعوديين، حول سبب رفض «المتشددين» مشاركة المرأة في نشاطات النادي الثقافية. وأوضح الدكتور حمزة المزيني، أن الأحكام القضائية «المخففة»، التي صدرت ضد المتورطين في الاعتداء على المؤسسات الثقافية في سنوات ماضية لم تكن كافية لردع هؤلاء. لافتاً إلى ضرورة تدخل المفتي وهيئة كبار العلماء، من أجل إصدار فتاوى صريحة تحرّم الاعتداء على المؤسسات الثقافية، وتحذّر من التأثير في اتجاهات وأفكار الشبان الصغار، خصوصاً مع تكرارها في السنوات الأخيرة. واستغربت القاصة فوزية العيوني من عدم القبض على «المتشددين»، الذين حاولوا تعطيل أمسية «حليمة»، والوصول إلى «الأيادي الخفية التي تحركهم، لأنهم شبان صغار في السن من السهولة تطويع أفكارهم كيفما يشاؤون». وحيّت العيوني رئيس «أدبي الجوف» إبراهيم الحميد والشاعرة حليمة مظفر على شجاعتهما، لإصرارهما على إقامة الأمسية، على رغم التهديدات «المخيفة» التي تلقياها. وقال الكاتب شتيوي الغيثي، إن المشكلة التي حصلت لحليمة مظفر ليست استثنائية، من «مجمل رفض العمل الثقافي الأنثوي»، مضيفاً: «ما حصل في نادي حائل الأدبي، شبيه من ذلك لدى الشاعرة فوزية أبو خالد، أكانت حليمة أم غيرها ستحصل الضجة، هو موقف من الأنثى نفسها قبل أن تكون من المرأة المثقفة، ربما صاحب حليمة ضجة، كونها حصل لها موقف في معرض الكتاب عضد هذا الموقف وزادت الحدة مرتين»، لافتاً إلى أن موقف «المتشددين» هو نوع من الحسبة تجاه الأندية الأدبية، وقال: «الثقافة بوجه عام مدانة، كونها تطرح رؤية مغايرة بالضرورة للرؤية المتشددة، وهنا فيه نوع من المواجهة مع فكر التشدد، سواء أرادت المؤسسات الثقافية أم لم ترد، وسواء أكان المثقفون حادين في رؤيتهم المغايرة، أم كانوا معتدلين».