تساءل الصحافي روبرت فيسك في مقال له نشرته صحيفة "إندبندنت" عن معنى استقالة رئيس الوزراء السابق توني بلير من منصبه مبعوثا للرباعية الدولية. ويقول فيسك في مقاله، الذي اطلعت عليه "عربي21"، إن أحدا لن يفتقد بلير سوى إسرائيل، مشيرا إلى أن تعيينه كان إهانة للعرب وللبريطانيين، الذين ماتوا في الحرب المخزية التي أعلنها في العراق، إلى جانب الرئيس الامريكي السابق جورج بوش. ويضيف الكاتب: "وصلت مهمة توني بلير مبعوثا يمثل الولاياتالمتحدة وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى نهايتها. فبعد ثمانية أعوام من توليه المهمة قدم بلير استقالته، وترك سؤالا واحدا: كيف أصبح مجرم حرب (مبعوث سلام) في المقام الأول؟" ويتابع فيسك قائلا: "يسأل أهل الشرق الأوسط ومعظم سكان العالم هذا السؤال، منذ أن أصبح بلير مبعوثا للرباعية في القدس، وكلف رسميا وبشكل بائس من أجل أن يحقق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. فهل كان من المفترض أن تغسل مهمته الجديدة الدم التي تلوثت به يداه بعد غزو بوش- بلير الكارثي للعراق، ومقتل مئات الآلاف من الأبرياء نتيجة له؟". ويعلق الكاتب بأنه "بالنسبة للعراق وللبريطانيين الذين فقدوا أعزاء لهم في حربه المخزية في العراق، فقد كان تعيين بلير إهانة (لهم). فلم يعبر الرجل أبدا عن أسفه للكارثة السياسية التي ارتكبها، وظهر في القدس بعد أربعة أعوام، أي عام 2007، بفريق أنفق ملايين الدولارات على الإقامة وتذاكر السفر، ولم يحقق بالمطلق أي شيء في ما يقرب من عقد من الزمان". ووصف فيسك المبعوث السابق بأنه "بدا غير آبه للمعاناة الضخمة التي يعانيها الفلسطينيون، وكان عاجزا عن منعها، وقضى وقته بعيدا عن مآسي الشرق الأوسط، مشغولا في تقديم النصح للديكتاتوريين المسلمين العظماء الطيبين القابضين على السلطة، وأخبر العالم، وهو ما أرضى إسرائيل، عن المخاطر التي تمثلها إيران". ويبين الكاتب أنه "كلما شعر بلير بأنه ثاقب النظر أصبح لا قيمة له في عين المنطقة التي جاء من أجل حمايتها. ودافع مرة أحد مؤيدي بلير عنه على القناة البريطانية الرابعة، مشيرا إلى أنه سافر مئة مرة إلى الشرق الأوسط، ناسيا أنه قد تخلى عن الشرق الأوسط مئة مرة من أجل رحلات أكثر ربحا". ويجد فيسك في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أنه "كان من المفترض أن يقدم بلير ترياقا سهلا أكثر من كلامه، وكان أكثره إثارة للغضب، هو حديثه أن حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني سيكون أسهل من إنهاء أزمة شمال إيرلندا. ولكن الفلسطينيين لديهم ملامح شبه كثيرة مع الكاثوليك الإيرلنديين الذين تعرضوا لتطهير من البروتستانت الذين طردوهم من بلادهم في القرن السابع عشر أكثر من الحرب البائسة في الإقليم شمال إيرلندا، التي ثبت أن حلها كان أهم إنجاز لبلير". ويرى الكاتب أنه "لو استقال بلير قبل عامين عندما وصف القادة الفلسطينيون عمله بأنه (عديم الفائدة، ولا قيمة له، لا قيمة له). أما إسرائيل، بالطبع فلم تكن لتصفه بهذه الأوصاف. وقد شجب بشجاعة الحملة (لنزع الشرعية) عن إسرائيل، وتحدث بلير عنها بأنها شكل من أشكال التحيز، وأنها تعد إهانة للإنسانية، ولم يستخدم هذا الوصف أبدا (لشجب) العدد الضخم من الضحايا الذين تسببت إسرائيل بسقوطهم في غزة". ويخلص فيسك إلى أن "العرب ينتظرون الآن إن كانت الرباعية ستكرر الحماقة، من خلال تعيين مرشح غير مناسب، وتلك مهمة صعبة جدا، رغم أن الكثيرين في المنطقة يعتقدون أنه يجب التخلي عن هذا المنصب الفخم، فقبل ثمانية أعوام كان هناك بصيص من الأمل لتحقيق الدولة الفلسطينية، أما الآن فلا".